+A
A-

البطالة بين المنتديات والحلول العملية...!(1-2)

في الآوانة الأخيرة برزت على السطح واحدة من أهم وأخطر المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهي معضلة التعطل (البطالة)، فكان تفاعل المجتمع معها بدرجات ومواقف متفاوتة على المستوى الشعبي والمؤسساتي وحتى الحكومي كل حسب وجهة نظره ورؤيته لها ومن أي زاوية ينظر لها ومدى اهميتها وخطورتها بالنسبه له. تعددت المواقف بين المتذمرين الصارخين والمتعاطفين المساندين والمتفرجين اللامبالين. ورغم الاختلاف في المواقف فرض الواقع نفسه على جميع الاتجاهات، فكان هناك موقف موحد بوجود مشكلة خطيرة هي مشكلة البطالة.

مشكلة البطالة بأبعادها الثلاثة الاقتصادي والاجتماعي والسياسي

كنتاج للبطالة تتشكل فئة من المجتمع خارج نظام الإنتاج اليومي لا تساهم في التنمية الاقتصادية بالرغم من إمكاناتها ومستوى تعليمها وخبرتها العملية، ليس لديها مصدر دخل شهري لتبية احتياجاتها المعيشية اليومية والعيش بكرامة (البعد الاقتصادي). ومع مرور الوقت تتحول هذة الفئة إلى قوى اجتماعية معزولة مشحونة بالغضب والتذمرلا تستطيع الاندماج في النسيج الاجتماعي السلمي الذي يبدو لها مشوش غير مستقر يفتقر للعدالة الاجتماعية والمساواة في التعامل والفرص، فينعكس ذلك عليها نفسيا لحد كبير وعلى سلوكها وتصرفاتها التي تتصف بالسلبية والانهزامية، كل ذلك بسبب ما تعانية يوميا من ظروف معيشية صعبة للغاية لا يعرفها ويدركها إلا من عاشها وعانى منها  (البعد الاجتماعي)، وعليه تبدا هذة الفئة باحتضان الأفكار والدعوات المعادية للدولة ومؤسساتها ومن يمثلها؛ لانها على قناعة أن الدولة هي المسؤولة أولا وأخير عن هذا الوضع المشوه وغير المقبول.

بحسب بنود الدستور (المادة 13 ب: تكفل الدولة توفير فرص عمل للمواطنين وعدالة شروطة)، وهنا يبدا الاختلاف والخلاف والصراع بين الدولة وفئة وجموع العاطلين، فتتجلى المعضلة في بعدها الخطير (البعد السياسي)، وهذا ما لا يتمناه ولا تطيقه جميع الأطراف ذات العلاقة؛ لأن التعامل مع البعد السياسي لمشكلة البطالة يتتطلب الكثير من الوقت والجهد والتضحيات، وقد يؤدي في أغلب الحالات إلى فوضى وصراع ومواجهة بين الطرفين تخرج عن السيطرة تكون نتائجها كارثية لا تتوقعها الدولة ولا المسؤولون عن الملف إلا بعد فوات الأوان.

الحلول العملية لمشكلة البطالة

بعد طرح ومناقشة البطالة داخل أروقة البرلمان ومن ثم الصحافة ومنتديات التواصل الاجتماعي كان رد فعل الحكومة سريعا وايجابيا ترك أثرا إيجابيا على المستوى الشعبي والمؤسساتي تجلت في مبادرة تفعيل البرنامج الوطني للتوظيف الذي أطلقه الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء يوم الإثنين الموافق 25 فبراير 2019.

لقد تبنى البرنامج الوطني للتوظيف كما جاء على لسان وزير المالية والاقتصاد الوطني صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن خليفة آل خليفة على ضوء الؤتمر الصحفي في ذات اليوم (الإثنين) هدف أساس ومهم، وهو: إيجاد فرص العمل المناسبة للمواطنين. هذا وتضمن البرنامج أربع مبادرات تشكل الآلية أي خطة عمل لتحقيق هدف البرنامج الوطني للتوظيف، وهي: 1- دعوة لتسجيل المواطنين الباحثين عن العمل 2- إعادة تصميم برنامج التدريب 3- زيادة إعانة التعطل من 150 دينارا الى 200 دينارللجامعيين، ومن 120 إلى 150 دينار لغير الجامعيين وزيادة مدة الإعانة والتعويض إلى تسعة أشهر بدلا من ستة أشهر إلى جانب زيادة تعويض المفصولين والمسرحين ليكون بحد أقصى 100 دينار بدلا من 500 دينار ورفع الحد الأدنى إلى 200 دينار بدلا من 150 دينارا. 4- رفع رسوم تصاريح النظام الموازي الاختياري على المنشآت التي لم تحقق نسب البحرنة من 300 دينار إلى 500 دينار، إضافة رفع الرسوم على تصاريح العمالة المرنة للأجانب من 200 دينارا إلى 500 دينار.

إن هذه المبادرات الأربع بالرغم من تضمنها بعض الجوانب الإيجابية فيما يخص زيادة التعويض ضد التعطل، إلا أنها لم تات لا ببرنامج ولا خطة عمل جديدة ترتقي إلى المستوى المتوقع والمطلوب للتعاطي مع مشكلة البطالة وحلها. ويمكن القول إنها تندرج تحت عنوان المعالجة المؤقتة غير الشاملة لما هو قائم ومعمول به منذ سنوات، والذي لم يثمر عن بنتائج عملية وناجحة؛ لتخفيض معدل البطالة وتوظيف العاطلين والباحثين عن العمل إلا بنسبة قليلة جدا.

ثائر علي ربيعة