+A
A-

قاسم حداد: أعتني بالحياة ولا يؤرقني إلا الوقت

تجربة طويلة في كتابة القصيدة، خاضها الشاعر البحريني قاسم حداد، استهلّها في “قلب الحب” بداية سبعينيات القرن الماضي، وهو لا يزال يقبض على جمرة الشعر التي يعتبرها حصنه وسلاحه في مواجهة العالم. كان حداد حاضراً حين طرحت الأسئلة في ندوة “الشعر العربي في مشهد ثقافي متحول” خلال احتفالية للشعر أقامها موسم أصيلة الثقافي الدولي الحادي والأربعين على مدى يومين، وكانت له رؤيته الواضحة بأن الشعر لا يزال في بريقه، وسط الرؤى المتشائمة التي كان يعبّر عنها البعض.. وهذا ما تقاطع معه رأي الناقد المصري المتخصص في الشعر العربي المعاصر الدكتور صلاح فضل، حين قال إن الشعر هو جنون اللغة وبئر الخيال وآفاقه المديدة وجوهر الفطرة الإنسانية، معتبراً أن القرن العشرين يعد العصر الذهبي الثاني للشعر بعد العصر العباسي.

الشاعر قاسم حداد بعد انتهاء الندوة والقراءات الشعرية، وكانت جولة ثانية مع أسئلة أخرى، أجاب عنها بكثافة غير متناهية.

وفي جواب لسؤال له من موقع البيان الالكتروني حول رحيل رواد القصيدة الكلاسيكية والحديثة، خلال العقدين الأخيرين، هل يمكننا القول إن زمن الشعراء الرواد الذين شكلوا ظواهر مضيئة في الشعر العربي المعاصر آيل إلى الأفول، قال: “لستُ واثقًا ما إذا كان هذا سؤالًا أو جوابًا، ففيه من الأحكام ما يكفي لاكتشاف حقائق بالغة الظلم على الجانبين، فما القصيدة الكلاسيكية غادرت، ولا (الأمنيات المستحيلة) تحققت.. الوقت يجعل الشعر أكثر جمالًا ونبلًا، ليس الشعر حلبة سباق مع أي شيء آخر، وليس عدلًا البحث عن رواد كما يقال عن الشعر السابق”. وعن اعادة الذائقة الشعرية الأصلية الراقية في ظل هذا التهافت على النشر في وسائط التواصل الاجتماعي قال حداد: “الذائقة الشعرية موجودة في الإنسان، وظني أنهما يحضران بدرجات مختلفة في ما يكتب من شعر في أي زمن.. يبقى أن نحسن الظن في المواهب الشعرية الجديدة، ونراها بوصفها سعي الإنسان للتعبير عن نفسه، وإذا صادف أن بعض ما ينشر في وسائط التواصل الاجتماعي لا يحبه بعضنا، فإنني شخصيًا لستُ مؤهلًا لنفي شعريته.. هذه طبيعة أشياء الحياة، لا اتفاق عليها، الجثث فقط يتم الاتفاق على موتها”

يقول عن نزوع بعض الشعراء إلى كتابة الرواية، وكذلك بعض الروائيين لكتابة القصيدة أن هناك ليس ثمة تفسير لنزوع الموهبة نحو محاولة التعبير عن نفسها.. كل نوع من العمل، بما فيه العمل الإبداعي، يستدعي نظامًا وقوانين لكي يبدو مكتملًا.. الرواية بشرطها التعبيري الفني تتطلب المرور على ذلك النظام وتلك القوانين، والكاتب الموهوب، خصوصًا إذا كان شاعرًا، سيذهب لكتابة الرواية بجماليات نوعية، نتوقع أن يصقلها أكثر كلما تكشفت له آفاق الفن.

وتحدث حداد عن القنوات المناسبة برأيك لتداول الشعر وقال: “دع الناس ينتظرون، وكلما طال انتظارهم تيسّر للشعراء كتابة ما يحبون، دون اكتراث بمن ينتظر.. لسنا معنيين بما يؤرق “الرأي العام”، الرأي العام شأنٌ يتعلق بنقائض الشعر، وللشعر ابتكار ما يناسبه من قنوات لا تبتذله للتداول العام”.

وعن الذي يؤرق قاسم حداد في هذه الأيام وهل الكتابة سبيل للنجاة مما يحيط بالشاعر أكد بأن الكتابة حصنه ضد العالم.. أعتني بالحياة، مؤمنًا أن الحياة غير العالم، ولا يؤرقني شيء مثل الوقت الذي لم يعد يسعني، ولم يعد يكفي.

وكيف يرى قاسم حداد الساحة الشعرية في البحرين ومنطقة الخليج، ولماذا يحضر الشعر الشعبي أو النبطي أكثر من القصيدة الحديثة أو الكلاسيكية لدى المتلقي قال لموقع البيان: “ها أنت تقول إنه (شعر)، شعبيًا كان أو نبطيًا.. ما دام يتوفر على شعريته، فمن الطبيعي أن يكون حاضرًا، لذلك فإنني أرى الشعر العربي بشتى أساليبه ومناطقه الجغرافية يحضر ويتبلور وينجح ويفشل مثل حياتنا.

 

بروفايل

ولد قاسم حداد العام 1948 في مدينة المحرق البحرينية، ويعد من أبرز شعراء القصيدة الحديثة، شارك في تأسيس “أسرة الأدباء والكتاب في البحرين” العام 1969، وشغل مراكز قيادية في إدارتها.. تولى رئاسة تحرير “كلمات” التي صدرت عام 1987، وهو عضو مؤسس في فرقة “مسرح أوال” البحرينية.

صدر للشاعر عدد من الدواوين ابتداء من العام 1970، منها: “قلب الحب”، و ”الدم الثاني”، و”البشارة”، و”القيامة”، و”شظايا”، و”انتماءات”، و”النهروان”، و”مجنون ليلى”، و”عزلة الملكات”، و”يمشي مخفوراً بالوعول”، و”الجواشن”، و”علاج المسافة”، و”قبر قاسم”، و”المستحيل الأورق” (كتاب مشترك مع المصور السعودي صالح العزاز)، و”له حصة في الولع”، و”ورشة الأمل” (سيرة شخصية لمدينة المحرق)، و”أيقظتني الساحرة” (مع الترجمة الإنجليزية - محمد الخزاعي)، و”ما أجملك أيها الذئب”، و”لستَ ضيفاً على أحد”، و”فتنة لسؤال”، و”الغزالة يوم الأحد”.