+A
A-

البحرين ... رصيد زاخر من العطاءات الخيرية

تهتم مملكة البحرين بجانب التنمية الاجتماعية، وتولي اهتماما خاصا لجانب التكافل الاجتماعي؛ حرصا على صون حياة الشعب وكرامته، وذلك استنادا إلى مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة، حيث الحرص على التكافل الاجتماعي، وتقديم الدعم لفئات المجتمع كافة، وعلى الأخص الفئات الأكثر احتياجا، والعمل على تخفيف الأعباء المعيشية عن الأسر البحرينية محدودة الدخل.

وتمتلك البحرين رصيدا زاخرا من العطاءات الخيرية والإنسانية، حيث مثلت تلك المساهمات الخيرية التي تقدمها البحرين تأكيدا متجددا لحرص قيادته الحكيمة على تلمُّس احتياجات الشعب، وإدراك المقاصد النبيلة التي يتوخاها ويرجوها؛ من أجل تحقيق المزيد من الأمن الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي.

وتمثل سيرة حكام البحرين الأوائل خير شاهد علىالكرم والنخوة العربية، وتوج حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفه عاهل البلاد سيرة العطاء بمأسسة كثير من الجهود الخيرة التي أثمرت عن تشكيل مجموعة مؤسسات خيرية وإنسانية، تأتي في إطار المسيرة التنموية الشاملة التي رسخها جلالة الملك.

الكرم البحريني

وبلا شك، فإنه لا حدود للكرم البحريني، إذ يتسابق المواطنون بالمشاركة الفعّالة بكل الحملات الخيرية والإنسانية لمساعدة مريض أو محتاج، وإن كان المسلمون يصمون عن الطعام والشراب في الشهر الفضيل، فلا تصوم اليد السخية البحرينية عن العطاء، وتقديم الخير الواجب لأخيه الإنسان من أجل كرامته، فنرى البحرينيين بفطرتهم الطيبة وتسامحهم، يتسابقون في تقديم أعمال الخير وإعانة المحتاجين، خصوصا في شهر رمضان الذي يعكس دائما معنى التكافل والتراحم بين المسلمين على هذه الأرض المباركة.

جهود سابقة

آزرت جهود الدولة بالعقود الماضية أنشطة الجمعيات الأهلية والأندية الوطنية بمختلف مسمياتها؛ من أجل تنفيذ مجموعة مشروعات خيرية وإنسانية، وكانت ترنو أنظار رؤساء المنظمات الأهلية لقيادة البلاد من أجل الحصول على تزكيتهم أو دعمهم أو رعايتهم لمشروعات تمثل الحاجة الملحة بالفترة الماضية، مثل تمويل مشروعات لمحو الأمية أو تحصين الشباب بالمعلومات الثقافية والدينية، أو إطلاق حملات صحية بالأمراض المنتشرة بتلك الفترة، أو توفير اللقاحات المناسبة لمكافحة الأمراض أو تمويل بناء مقار للجمعيات والأندية وغيرها الكثير.

المؤسسة الخيرية

ومنذ انطلاق العهد الزاهر لجلالة الملك، أراد جلالته أن يوحد الجهود نحو مزيد من التركيز بما يعزز البناء المجتمعي ويقوي اللُحمة الوطنية، فقرر جلالته تشكيل المؤسسة الخيرية الملكية في العام 2001، وأسند رئاستها لنجله سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة سنة 2007، وقد نجحت المؤسسة الخيرية الملكية بأن تكون الحاضن الأم للأيتام والأرامل الذين فاق عددهم 10 آلاف، وذلك تحت رعاية كريمة من الرئيس الفخري للمؤسسة صاحب الجلالة الملك، الذي يحرص على اللقاء السَّنوي بالأيتام ويعانقهم عناق الأب لأبنائه، ويتابع بكل حرصٍ واهتمام مسيرتهم التَّعليمية نحو غدٍ أفضل، حيث فاق عدد الخريجين الذين استفادوا من البعثات والمنح الدراسية الجامعية الـ 460 طالبا وطالبة حتى العام 2018، من بين 4096 مستفيد من الرعاية التعليمية.

هذا بالإضافة إلى اهتمام المؤسسة بتوفير الرعاية الصحية لأكثر من 8 آلاف مستحق، ومنحها المساعدات الإنسانية التي تشمل توفير العلاج، والدعم المعيشي ومساعدة الزواج إلى 25,558 مستفيد حتى مارس 2019، ذلك وفقا لأحدث إحصاءات صادرة عن المؤسسة الخيرية الملكية.

وابتهج الأيتام بمكارم ملكيةٍ لا تنضب، حيث تجاوزت الـ 106 آلاف مكرمة بشهر رمضان حتى العام 2019، فيما بلغت مجموع المكارم الملكية التي صرفت للأيتام في العيدين، 235,809 مكرمة حتى نهاية العام الماضي، موزعة على النحو التالي: 123,544 مكرمة لأعياد الفطر السعيدة، و112,265 مكرمة صرفت لأعياد الأضحى المباركة.

كما حرصت الحكومة على الترخيص لعددٍ كبير من الجمعيات الخيرية التَّابعة لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وتعتبر هذه المنظمات الأهلية شريكة أساسية وعونا للوزارة في الوصول لأكبر عدد من المتعففين، من خلال تأمين وصول المساعدات الشهرية لهم، وصرف قرارات جمع المال لتنفيذ العديد من المشروعات الخيرية والتنموية الهادفة.

منح ومضاعفات سنوية

ومع إطلالة الشهر الفضيل من كل عام، يتم تسليم منح رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة  الرمضانية، ذلك بالتنسيق مع الجمعيات والصناديق الخيرية لاستلامها، حيث تم هذا العام توزيع 120 طنا من الأرز على الأسر البحرينية المتعففة بما يعادل 6000 كيس سعة 20 كيلوجراما.

وفي هذا السياق، تحرص مملكة البحرين سنويا على مضاعفة قيمة المساعدات الاجتماعية ومخصص الإعاقة في شهر رمضان من كل عام، حيث بلغ عدد المستفيدين من مساعدة الضمان الاجتماعي هذا العام، 15 ألفاً و130 بين أسر وأفراد، و10 آلاف و959 شخصا، مستفيدا من مخصص الإعاقة، بقيمة إجمالية تجاوزت الـ 5 ملايين دينار.

الدعم الاقتصادي

ويعتبر مشروع دعم الأسر المنتجة مثالا حيّا وناجحا على قدرة البحرين في تحويل الأسرة للنشاط التجاري الربحي، الذي يسهم في توفير مداخيل مالية إضافية لميزانية الأسرة، وبما يمكّنها من تحقيق وفر اقتصادي شهري، وتأمين متطلبات حياتها الكريمة، حيث طُرحت عدة برامج داعمة لهم كبرنامج تعزيز، ومشروع منتوجاتي، وبرنامج حرفة، إضافة إلى إتاحة الفرص لهم بالمشاركة في المعارض التي تقام على مستوى المملكة وخارجها.

وتم طرح مشروع أكشاك “دانات” لرعاية المشروعات الاقتصادية لذوي الإعاقة، وبرنامج التعاون مع المجتمع، حيث يتعاون من خلاله بنك الأسرة مع المنظمات الأهلية، ويوفر لها التمويل عبر عدة طرق مبتكرة وميسرة، إضافة إلى مصنع الأفكار الذي يقدم مساعدات للعملاء بتكوين الأفكار وتطويرها، ومساعدة أصحاب المشروعات من خلال دورات تدريبية واستشارية، وطرح ورش عمل، ناهيك عن مشروع الخدمات الاجتماعية الذي يقوم بجذب انتباه أصحاب المشروعات الاجتماعية في المملكة؛ ليلتقوا تحت مظلة عمل واحدة.

كما رخصت الحكومة لإنشاء بنك الأسرة الذي يعد مثالا على الشراكة بين القطاعين العام والخاص في سبيل توفير قروض متناهية الصغر للفئات محدودة الدخل من دون ضمانات بنكية لمساعدتها على إقامة مشروعات مدرة للدخل.

ووفقاً لأحدث إحصاءات بنك الأسرة، فقد حقق البنك خلال السنوات الثماني الماضية تطورا مشهودا في صناعة التمويل للمشروعات متناهية الصغر في البحرين من خلال تقديم تمويلات مالية وخدمات غير مالية، حيث استطاع البنك زيادة عدد الأسر المستفيدة، وخدمة المشروعات الصغيرة من 344 أسرة ومشروعا صغيرا في 2012 إلى 4000 أسرة ومشروع صغير في 2018، أي بنسبة زيادة بلغت 1100 %، وكذلك استطاع البنك أن يزيد حجم التمويلات المالية خلال السنوات الثماني السابقة، حيث قدرت الزيادة بـ 595,976 دينار في 2012 لترتفع إلى 3,537,625 دينار في سنة 2018 أي بنسبة زيادة أكثر من 600 %.

وتشير الإحصاءات ذاتها إلى أن البنك قد ساهم في دعم الأسر المنتجة والمشروعات الصغيرة بشكلٍ فعال، إضافة إلى وجود خطط مستقبلية لدعم الأسر من خلال طرح تمويلات أخرى تتماشى مع مبادئ الشريعة الإسلامية لتحسين المستوى المعيشي لها.

بث الخير

ومن منطلق الإصرار على بث روح الخير في المملكة قاطبة، فإن المشروعات التنموية التي تقدم للمواطنين تظهر دلالات واضحة على أن البحرين تسير بثبات نحو تعزيز التنمية والمستوى المعيشي للمواطن من خلال مبادرات وبرامج تحقق متطلبات العيش الكريم، خصوصا للأسر المحتاجة والمتعففة والأيتام والأرامل، فجميعهم أبناء هذا الوطن المعطاء، الذي يسعى إلى تحقيق جميع السبل المعززة للعيش الرغيد لهم طوال أشهر العام وبالذات خلال شهر الخير والبركة والإيثار والعطاء، شهر رمضان.