+A
A-

العلوي: أطمح لوجود اختصاصيين نفسيين في كل مؤسسة تربوية

للأسف لا يوجد اهتمام كبير بالدراسات النفسية في العالم العربي

شح الدراسات لاعتقاد البعض بأن علم النفس له جوانب جنونية

يجب ألّا نخجل من اللجوء إلى الإرشاد النفسي

أستمد القدوة من الشخصيات المهمة... ولا أتمسك بنظرية معينة

عندما يكون المعالج النفسي ليس من البيئة نفسها فسيواجه فجوة في العلاج

همّي خدمة الناس ومزوالة تخصصي في الإرشاد النفسي والأسري

 

الاختصاصي النفسي خالد إسماعيل العلوي بدأ حياته العلمية بتخصص علم النفس في الإسكندرية سنة 1978 حتى انتهى بدراسة الدكتوراه في مجال الإرشاد النفسي لذوي الاحتياجات الخاصة للمعوقين عقليًا، ثم تم تعيينه وكيلا مساعدا في وزارة التربية والتعليم في مجال الخدمات التربوية والأنشطة الطلابية. وهذا المجال الذي حقق ذاته فيه، وكان في الوقت ذاته يطبق إستراتيجياته النفسية من خلال علاقاته الشخصية والاجتماعية في العمل.

وأجري معه هذا الحوار:

من قدوة خالد العلوي؟

ليس لدي قدوة معينة في الحياة، عادة أستمد القدوة من الشخصيات المهمة الاجتماعية والعلمية والمؤثرة في حياتي، أنا لا أحدد نفسي بشخصية معينة بل أستفيد من جميع الشخصيات والعلماء الذين قرأت عنهم أو قابلتهم في مجال عملي. حتى في مجال عملي أستمد علمي من جميع النظريات والمدارس النفسية والسلوكية والمعرفية. ولا أقيد نفسي بنظرية معينة أو مدرسة علمية معينة.

هل كان لديك دور بإفادة الناس خارج نطاق عملك الأساس؟

بلاشك، كنت على تواصل مع إذاعة مملكة البحرين منذ سنوات عدة، فمثلًا كانت الأستاذة بدرية عبداللطيف تستضيفني في برنامجها الصباحي “برنامج الأسرة” وكنا نتناول المواضيع الأسرية، النفسية والتربوية، إذ إن ذلك حقق لي مزاولة مجال اهتمامي بوسائل أخرى غير عملي الأساس في وزارة التربية والتعليم رغبة مني.

ما النصيحة التي تود إخبارها للذين يعانون الأمراض النفسية؟

نصيحتي إلى البشر أجمعين، تخصص علم النفس تخصص نادر وقوي، ولكننا إلى الآن لا نميز قيمة هذا التخصص المهم للبشرية في وطننا العربي، نحتاج هذا التخصص ليس فقط للأمراض النفسية العميقة، بل لأي إنسان يقع في أي مشكلة ولا يعرف كيفية التعامل معها، فبالتالي تتفاقم المشكلة وتؤثر على حياة الفرد الشخصية. أوجه كلمة وهي طلبي بألّا نخجل من اللجوء إلى الإرشاد النفسي. على سبيل المثال اثنان يريدان الزواج لو أنهما ذهبا إلى معالج نفسي لتلقي جلسة أو جلستين عن الإرشاد الأسري، فهذا يغنيهم عن العديد من المشكلات لتفادي الوقوع في الخلافات التي قد تؤدي إلى نهايات محزنة في المستقبل.

كونك في هذا المجال، كيف تتمكن من تحمل المواقف التي تتعرض لها والكلام الذي تسمعه في الجلسات من غير أن تؤثر عليك سلبيًا؟

أنا شخصيا أؤمن أنه في اليوم الذي سأتأثر سلبا مع كل ما أسمعه وما أعالجه سأكون غير صالح لمثل هذه الوظيفة؛ لأنني يجب أن أكون قويا، وأتحمل كل ما أمر به أثناء عملي، وأفصل الحياة العملية عن حياتي الشخصية. نعم، أتعاطف مع الناس فهذا شيء طبيعي كوننا بشرا نمر بأحاسيس مختلفة، ولكن لا أسمح لذلك بأن يؤثر علي شخصيا؛ لأنه بالتالي سيؤثر على طريقة ومجرى علاجي مع هذا الشخص.

كيف تتعامل مع الحالات الصعبة في العلاج؟

أنا شخصيا أحب التحدي، وأحب الحالات صعبة العلاج، وأشعر بالفخر والنجاح مع هذا النوع من الحالات الصعبة. الصعب فقط بالنسبة لي هو عندما يأتي الشخص، وهو غير مستعد للتغيير وغير مستعد لتلقي العلاج، وسلبي، ويضع العديد من الصعاب في مسيرة علاجه. وأما عندما يأتي وهو مستعد وراغب في التغيير، فهذا الأمر يريحني ويدفعني إلى العطاء أكثر وأكثر لأمارس عملي بشكله التام.

تم نشر دراسة تؤكد أن مرض الاكتئاب منتشر بكثرة بين مواطني البحرين، ما توجيهاتك في هذا الخصوص؟

مهم جدا أولا التأكد من ماهية الدراسة، صدقها وثباتها وغيره، ولكن أعتقد بأن الجميع يمر بدرجات متفاوته من الاكتئاب ولا أقصد الدرجات المرضية هنا، فنحن يوميا نشعر بالقلق والاكتئاب وغيره من المشاعر السلبية والحزن، لكن عندما يصل الشخص إلى الاكتئاب المرضي، فيجب أن تتم استشارة طبيب نفسي لذلك.

ما سبب قلة الدراسات والبحوث النفسية المنشورة في البحرين؟

للأسف الشديد لا يوجد اهتمام كبير بدراسة النفسيات في العالم العربي، وهذا قد يعود إلى ظروف اجتماعية وثقافية، حتى إن الناس لا يبادرون في المشاركة في هذه الدراسات؛ لوجود وصمة عند البعض أن علم النفس له جوانب جنونية أو خصوصية أو شخصية؛ لذلك يتم التحفظ على الكثير من المعلومات؛ لوجود هذا النوع من الوصمات، فهذا يقلل من مصداقية الدراسات العربية وبذلك الدراسات العربية تعتبر أقل عددا من الدراسات الأجنبية.

هناك أطباء نفسيون أجانب، كيف يمكنهم تشخيص حالات المجتمع البحريني؟

أشكرك على هذا السؤال الرائع، دائما أردد المثل الشعبي “حلاة الثوب رقعته منه وفيه”. شخصيا أظن أن هذا الأمر صعب جدا خصوصا عندما يكون المعالج النفسي ليس من البيئة نفسها، والثقافة واللغة والعادات والتقاليد نفسها، فسيواجه فجوة في علاجه للحالات الموجودة؛ لاختلاف الثقافات ولأن الجانب النفسي مرتبط بجميع هذه النواحي.

 

لماذا لا نجد أسماء لامعة لأطباء بحرينيين؟

يوجد، ولكن السبب يعود إلى الفكر والثقافة الموجودة في وطننا العربي الذي لا يسمح ويرفض وجود أسماء لامعة للأطباء النفسيين.

هل نطمح يومًا أن نرى تطورا في المجال النفسي هنا في البحرين؟

أنا أطمح لوجود اختصاصيين نفسيين في كل مؤسسة تربوية؛ لسد ثغرة عدم إلمام الاختصاصي الاجتماعي للإرشاد النفسي، وأيضا أطمح لوجود اختصاصيين نفسيين في المؤسسات الحكومية؛ للاهتمام بأهم عنصر لدى هذه المؤسسات وهو العنصر الإنساني. الإنسان الذي يأتي إلى العمل حاملا الكثير من المشكلات النفسية سيصبها في طريقة عمله وستؤثر على إنتاجيته أثناء العمل.

 

هل لديك أي مشاريع أو خطط للسنوات الخمس المقبلة؟

نصب عيني الآن هو خدمة الناس ومزوالة تخصصي في الإرشاد النفسي والأسري في العيادة، وهذه هي خطتي للسنوات الخمس الآتية، وأسأل المولى أن يوفقني في مسيرتي في هذا المجال.

 

فوزية يوسف زينل

طالبة إعلام بجامعة البحرين