+A
A-

“البلاد” تُشرِّح قضية “الموت الفجائي” في الأنديـة الصحيـة

- أنـا ضـد الرياضة العنيفـة ...  كل شيء فـي الاعتـدال

- وفاة واحد من بين كل 200 ممارس للرياضات العنيفة

- لا أملك إحصاءات عن الرياضيين المتوفين في البحرين

- المكملات الغذائية لها تأثيرات خطيرة على اللاعبين

- مطالبات بتشديد الرقابة على منح الرخص للأندية

- بعض الأجهزة ليست بالمعايير والمواصفات المطلوبة

- “المهن الصحية” ليست مسؤولة عن التراخيص

الموت الفجائي الذي أودى بحياة الشابين الزميل جعفر الملا وحسن شملوه في أحد الأندية الرياضية، خلف وراءه جراحًا لم تندمل، وترك صدمة وهلعًا في نفوسنا بسبب طريقة موتهما المفاجئة، إذ لم يكن حتى هناك من وقت قليل لإسعافهما.

الفاجعة كبيرة وعلى مستوى البحرين، الكل يسأل ما هو السبب وراء الموت الفجائي، هل الرياضة متهمة؟ أم إن الأندية يجب أن تلتزم بشروط السلامة لدى قبول عضوية المنتسبين والاهتمام بتدريبهم وأسلوب حياتهم؟ هل إن هناك رقابة على منح التراخيص للأندية وتعاطي المنشطات؟

للوقوف على حقيقة الموت الفجائي وما يجب أن يخضع له الأعضاء في الأندية والرياضيون في المضامير، “البلاد” خاضت في الرأي العلمي من خلال لقائها طبيب قلب، وكان لها أيضًا حوارات مع أصحاب أندية ومدربين في التحقيق التالي:

أسباب الموت الفجائي

أكد استشاري أمراض القلب والباطنية وضغط الدم، زميل كلية الأطباء الأميركية في مستشفى نور التخصصي الطبيب سعد التميمي أن الرياضة مهمة للحفاظ على صحة القلب والشرايين.

وأضاف أن حالات الموت المفاجئ لدى الرياضيين في الملاعب والأندية والمضامير تبقى حالات نادرة الحدوث، لكنها تثير الرعب لدى أوساط العامة خصوصًا مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل الخبر بشكل سريع، مردفًا أنه لا يمتلك إحصاءات عن الرياضيين المتوفين في البحرين.

وأوضح التميمي: أن الموت المفاجئ يحصل لواحد من بين 200 ألف متسابق رياضي في السنة، وعادة يصيب الذين يمارسون الرياضات التنفسية مثل الماراثون والترايثلون، ومعروف أن رياضة الترايثلون، تتألف 20 % منها سباحة و50 % دراجات هوائية و30 % جري، وتصنف من الرياضات العنيفة، وخلال هذه الرياضة تزيد الشدة وكلما زادت كلما تعرض الإنسان خصوصًا المهيأ للمرض لأزمات قلبية.

وتابع: في العام 2011 أوردت مجلة “annals of internal medicine” الأميركية وهي متخصصة بالأمراض الباطنية والقلب، تقريرًا عن الوفاة المفاجئة لمن يشاركون في الترايثلون، وكشف التقرير عن انه - وعلى مدى 30 عامًا - توفي بالموت المفاجئ 107 أشخاص، وهو ليس بالعدد الكبير إلا أن المتوفين كلهم من شريحة الشباب أي بعمر العشرينات والثلاثينات.

وقال: كما جاء في التقرير، ومن خلال دراسة عينات ما بعد الموت، أن 50 % من المتوفين لديهم أمراض قلب غير مشخّصة؛ قسم منها وراثي وقسم مكتسب، هذا وقبل الوفاة يصاب المرضى بارتجاف القلب البطيني، ويكون الموت مفاجئًا.  وتابع: كما وكشف التقرير عن أن المتوفين في الترايثلون ليسوا من الرياضيين الصفوة بل مبتدئين أو من شاركوا لأول مرة، فهؤلاء لم يتلقوا تدريبًا كافيًا على الأقل لمدة ثلاثة أشهر، ليصبح الفرد مؤهلاً للمشاركة بمثل هذه الرياضات العنيفة.

ومضى قائلاً: كما لاحظ الدارسون أيضًا أن معظم الوفيات تحصل في جزء السباحة؛ لأنه يتطلب جهدًا أكبر، ولاحظوا أن النساء أقل عرضة للوفاة أثناء الرياضة بسبب هرمون الاستروجين، لكن في سن النضج تصبح المرأة مثلها مثل الرجل لنقص هذا الهورمون لديها. ووجدوا أن الوفاة المفاجئة تحصل في آخر ميل بالرياضة، إذ يقرّر المشترك الوصول للنهاية، تحت الشدة.

وأردف أن هذا ينطبق على من يمارس رياضات تنفسية بالجم لفترات طويلة وبسرعات قوية، خصوصًا إن كان يخضع لرجيم قاس ما يؤدي لنقص الفيتامينات والمعادن، فنقص بعضها يعرّض القلب للموت المفاجئ كنقص البوتاسيوم مثلاً.

وأشار إلى أنهم لاحظوا أيضًا أن ممارسي المارثون أو الترايثلون يزيد لديهم إفراز انزيم القلب Cardiac Troponin وانزيم الـ bnp ، هذه الإنزيمات بشكل عام تزيد لدى الإنسان العادي عندما يتعرض لجلطة أو تلف في عضلة القلب، أو فشل في القلب، وهو مؤشر أن هناك ضررًا في الجهاز الدوري للقلب لدى الرياضيين من ممارسي الرياضات العنيفة، فالفائدة في الاعتدال؛ مردفًا “more is not better” وأبقراط هو أبو الطب قد قال “كل شيء باعتدال”.

أمراض القلب القاتلة

أكد التميمي أن الأسباب الكامنة وراء توقف القلب والموت المفاجئ أثناء الرياضات العنيفة كثيرة أولها اعتلال عضلة القلب التضخمي Hypertrophic cardiomyopathy، مشيرًا إلى أن عامة الناس معرضون من 0.1 إلى 0.2 % لمثل هذه الإصابة وهي نسبة ضئيلة جدًّا، فبعض الرياضيين مصابون بهذا المرض دون أن يعلموا.

وتابع: سبب آخر للوفاة المفاجئة هو تشوهات ولادية في شرايين القلب التاجية، أي يحمل الفرد عيبًا في القلب منذ خلقه، وسبب ثالث، وهو التهاب عضلة القلب Myocarditis، وهناك مرض آخر يسبب الوفاة الفجائية وهو متلازمة مارفان Marfan syndrome التي قد تسبب الموت المفاجئ، وهي تصيب عادة طويلي القامة بشكل مبالغ، والمشكلة أن المصاب بمارفان يعاني من تمزق الشريان الأبهر بعد توسعه، وهو أهم شريان في القلب ويسمى نهر الحياة فلو تمزق يموت الإنسان في أقل من دقيقتين.

كما تحدث عن الخلل في كهربائية القلب، قائلاً: قسم من المصابين بهذا المرض معرضون أيضًا للموت المفاجئ.

وأردف: حالة أخرى أيضًا تكون قاتلة للرياضيين بأقل من دقيقتين وهي التعرض لصدمة مباشرة ومفاجئة على القلب مما يؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب والارتجاف البطيني للقلب ثم توقف القلب وتسمى طبيًّا Commotio Cordis (كومشيو كورديس).

وهناك مرض تضيّق الصمام الأبهر، وتشخيصه سهل جدًّا، وفي هذه الحالة يجب تغيير الصمام وإلا يتعرض المصابون خصوصًا خلال الرياضة للموت المفاجئ.

 

كيف هو قلب ممارسي الرياضات العنيفة؟

وفي السياق عينه، أفاد الدكتور سعد أنه شارك خلال مطلع أبريل المنصرم في مؤتمر كلية الأطباء الأميركية حول ذات الموضوع وكشف أحد المتحدثين واسمه دكتور كارل عن أن من يمارسون الترايثلون أو الماراثونات العنيفة لديهم ندب في القلب، هذه الندب تشكل بؤرة لحدوث عدم انتظام ضربات القلب وحدوث الارتجاف الأذيني للقلب، والمريض قد يصبح عرضة للموت بجلطة في القلب، وبغض النظر عن العمر قد يكون في العشرين من عمره.

وتابع: كما أظهرت الدراسة حدوث تليف عضلة القلب 3 مرات أكثر لدى رياضيي الماراثون مما يؤدي إلى زيادة حدوث ارتجاف القلب الأذيني وعدم انتظام ضربات القلب Atrial fibrillation.

توصيات:

أكد الاستشاري التميمي أنه ضد الرياضات العنيفة، لكن في حين قرّر الشخص الانخراط في رياضات تنفسية عنيفة وتنافسية أو رفع أثقال، فعليه

أولاً زيارة طبيب القلب، وبعد السؤال عن تاريخ مرض القلب في عائلته، والوفيات خصوصًا قبل عمر 55 سنة، قد يخضع الشخص للفحص السريري بالسماعات، وبعد التشخيص يقرر الطبيب إن كان يحتاج الشخص لخطوة تخطيط القلب EC، وصولاً لفحص صدى القلب (ايكو) Echocardiography، وقد يُطلب منه فحص القلب بالمجهود Exercise treadmill test، وإن ظهرت مشكلة آخر هذا الفحص قد نذهب إلى فحص تلوين شرايين القلب التاجية بالأشعة المقطعية CT coronary angiography، كل هذه الفحوصات يقررها الطبيب وفق التشخيصات لو لزم الأمر، مضيفًا، يجب على اللاعب المحترف أن يخضع لفحوصات دورية كل ثلاثة أشهر.

وأشار إلى أهمية إجراء تحاليل للدم لمعرفة الزيادة في الكولسترول والسكر والسكر التراكمي والإيموغلوبين والبوتاسيوم والغدة الدرقية وغيرها. وعلى ضوء هذه التحاليل يمكن ممارسة الرياضة وفي ذات الوقت الوقاية من التعرض للموت الفجائي.

نصائح:

حذّر الطبيب التميمي من أن بعض الأندية ورغم وجود اختصاصيين غذائيين فيها لكن هؤلاء ينصحون اللاعب بتعاطي المكملات الغذائية والبروتين وصولاً للسترويدات، وهكذا يكون الرياضي قد اختار الطريق الخطأ، لأن لهذه المكملات تأثيرات جانبية خطيرة على اللاعب.

ونصح باختيار الوتيرة المعتدلة بالرياضة لأنها تحقق الفائدة المرجوة للجسد والقلب مثل السباحة نصف ساعة يومياًّ أو المشي السريع لنصف ساعة أو الركوب على الدراجة الهوائية لنصف ساعة، وهناك دراسة تؤكد أن المشي يوميًّا 10 آلاف خطوة تمنع الإصابة بمرض السكري وتحافظ على الجسم والآن تتوفر تطبيقات كثيرة على الهواتف تبين لنا الخطوات التي قمنا بها.

وجدّد القول إن الموت الفجائي حالة نادرة ويجب عدم الذعر ومواصلة الرياضة للحفاظ على جسم سليم وقلب سليم.

وأخيرًا طالب التميمي بتوفر جهاز قلب للصدمات الكهربائية في الأندية والمضامير مع طاقم طبي متخصص لمثل هذه الحالات.