+A
A-

جناحي لـ “البلاد”: إجراءات إسقاط الجنسية من القرارات السيادية للدول

دعت أستاذ القانون المساعد بكلية الحقوق في جامعة البحرين وفاء جناحي كليات الحقوق في المملكة، لابتكار برامج جديدة تتناسب مع احتياجات سوق العمل، بمقدمتها برامج ماجستير القانون باللغة الإنجليزية، والاستثمار، وقوانين الاقتصاد، الضرائب، والترجمة القانونية، موضحة بأن “الطوابير المتكدسة بالسوق والباحثة عن العمل، مسببها الرئيسي عدم مواءمة التخصصات مع متطلبات السوق نفسه”.

وفيما يخص أزمة المحامين المتدربين بمكاتب المحاماة والمثارة إعلامياً، أوضحت جناحي بحوار موسع أجرته معها “البلاد” بأن الحل يكمن في أن تختص جهة خارجية بمهمة الإشراف على تدريب المحامين الجدد، كوزارة العدل، أو معهد الدراسات القضائية، وبالتنسيق مع جمعية المحامين، ومن خلال لجنة متخصصة تشرف على متابعة أوضاع المحامين المتدربين.

ولفتت إلى أن إجراءات سحب وإسقاط الجنسية من القرارات السيادية للدول. وفيما يلي نص اللقاء:

 

كيف تقرئين الشوط الذي قطعته المرأة البحرينية في المجال القانوني بشكل عام؟

بداية لي أن أشير، الى أنه وفيما يخص مهنة المحاماة نفسها، فلقد تمكنت المرأة البحرينية من دخول هذا المجال بشكل مبكر منذ سبعينيات القرن الماضي، بل وتميزت به، والشواهد على ذلك كثيرة.

أما في المجال القانوني، فلقد تقلدت البحرينية مناصب متقدمة منها منصب قاضٍ، والذي لم يكن مفتوحاً لها بالسابق، بالإضافة لمناصب كرئيس نيابة، وكيل نيابة، عضو بالمحكمة الدستورية، ومؤخراً تعيين المستشارة معصومة عبد الرسول قاضي بمحكمة التمييز، وهي ميزة لمملكة البحرين كأول دولة خليجية، تمنح هذه المناصب للمرأة.

وعليه، فلقد استطاعت البحرينية أن تقطع شوطاً متقدماً ومميزاً بهذا المجال، وبدعم من المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد، ومن ثم للثقة الملكية لها، ولا ننسى دور المجلس الأعلى للمرأة، والذي قام بجهود حثيثة من أجل تمكين المرأة والنهوض بها بكافة الأصعدة بما في ذلك مجال العمل القانوني.

 

ما أهم  التحديات التي تواجه المرأة البحرينية أمام المحاكم الشرعية؟ وبم تنصحين؟

أغلب التحديات التي كانت تواجهها المرأة البحرينية في السابق، ذللت الآن، وبعدة إصلاحات تم الأخذ بها، بمقدمتها صدور قانون الأسرة والذي حد من بطء الإجراءات بالمحاكم الشرعية، وساعد على تقنين هذه الأحكام، وهو الأمر الذي سهل إجراءات المتقاضي، ومهمة المحامي، والقاضي نفسه، بتوحيد الأحكام، بدلاً من أن تكون أحكاما متباينة.

ولقد حل هذا القانون، بتجربته في الجانب السني، الكثير من الإشكاليات، والقضايا العالقة والمؤخرة، وبشهادة كثيرات من النساء، والقانون الموحد يمثل انجازا جميلا، يوحد الطوائف كلها، لأنه طبق مبدأ المساواة بين جميع أبناء المجتمع، ومن شتى الطوائف.

ناهيك عن أن وجود صندوق النفقة يمثل تجربة جيدة، وذلك لتذليله الكثير من المصاعب التي كانت تواجهها المرأة، وأيضاً صدور القرار الأخير بإطلاق مبنى لمحاكم الأسرة في الحنينية، وهو ما سيضفي نوعا من الخصوصية على الأسرة البحرينية نفسها، بمحكمة مستقلة، بعيدة عن نطاق محاكم الجرائم والنيابة، وما إلى ذلك.

 

هل ترين بأن مخرجات كليات الحقوق وافية لمتطلبات سوق العمل؟ وللحاجة القانونية للبحرين؟

مخرجات الكليات الراهنة تلبي احتياجات سوق العمل، والدليل وصول العديد من خريجي الحقوق لمناصب قيادية بالمجال القانوني، وفيما يخص أداء الكليات نفسها، فلا يمكن مقارنة جامعة البحرين بصفوف الجامعات الأخرى، فالمادة والمخرجات مختلفة.

النظام التدريسي والمعرفي الموجود بالكليات حالياً متطابق مع نظيراتها بالدول العربية، ومتوازية معها، ولكن هل ما زالت هذه المخرجات تتلاءم مع سوق العمل الحالي؟

برأيي، وفي ظل وجود طوابير طويلة من الخريجين الباحثين عن عمل، كليات الحقوق مدعوة لابتكار برامج جديدة تتناسب مع احتياجات سوق العمل، ودبلومات مهنية، بطليعتها برامج ماجستير باللغة الإنجليزية، برامج في مجال الاستثمار، التركيز على قوانين الاقتصاد، الضرائب، والترجمة القانونية.

 

يثار مؤخراً موضوع الإهانات المستمرة التي يتعرض لها صغار المحامين، والمحامون المتدربون بمكاتب المحاماة، ما الأسباب لذلك؟ ولماذا تأخرت جمعية المحامين ووزارة العمل باتخاذ الإجراءات اللازمة؟

الظاهرة تنحصر في استغلال بعض مكاتب المحاماة، للمحامي الجديد، وإلزامه في القيام بأعمال لا ترتبط بمجال تخصصه، ويعترف قانون المحاماة بالمحامي المتدرب، ويلزمه بالتدريب لمدة لا تقل عامين في مكتب للمحاماة، لكي يحصل على رخصة مزاولة المهنة كمحامٍ مشتغل.

وبالتالي يخضع المحامي المتدرب لكل ما يطلب منه من قبل المحامي المتمرس، ونظراً لحاجة المحامين الجدد لأداء القسم، يدفعهم لتقديم بعض التنازلات لنيل ذلك، ونظراً لهذه الحاجة الملحة، فهو لا يستطيع أن يكشف عن هويته، خصوصاً وأن مكاتب المحاماة مكتظة بالمحامين.

ويكمن الحل بأن التدريب يجب أن لا يكون بمكتب للمحاماة، وانما يجب أن يخضع لجهة خارجية، كوزارة العدل، أو معهد الدراسات القضائية، وبالتنسيق مع جمعية المحامين، ومن خلال لجنة متخصصة تشرف على متابعة أوضاع المحامين المتدربين.

وفقا للاتفاقيات الدولية، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، لا يجوز حبس المدين بدين تعاقدي، هل الإجراءات القائمة في البحرين تتعارض مع ذلك أم لا؟

قانون المرافعات البحريني يجيز حبس المدين بدين مدني، لكن بشروط، منها حين يكون المدين مماطلا رغم يسره، ورغم أعذاره، ولم يبدِ استعداده لتسوية النزاع، كما أن قاضي التنفيذ لن يقدم على إجراءات الحبس لمجرد وجود سندات تنفيذية بالدين، وانما عندما يصدر حكم نهائي من المحكمة، ومدة الحبس هنا لا تتجاوز الثلاثة أشهر، واذا قام الشخص بعرض تسوية، فعلى القاضي أن يخلي سبيله.

وفي ذلك نوع من الموازنة، وعلى الرغم من إلغاء عدد من الدول لهذا القانون كمصر، والتي لا تجيز حبس الفرد بدين مدني إطلاقاً، في حين يجوز الحبس في المسائل الجنائية، أو في دين النفقة لأن هنالك حاجة لها، والإلغاء جاء لأن فكرة الدين يجب أن تنحصر في مال الفرد وليس شخصه.

كما يتنافى مبدأ حبس المدين مع المبادئ الحديثة، كالاتفاقيات الدولية، وممكن للبحرين أن تلغي هذا النص في حالة واحدة منطقية، اذا تم الأخذ بإجراء منع السفر على الشخص المدين، ووجود النص ضروري لغايات معينة، منها حفظ الحقوق، وإيجاد الموازنة بذلك.

 

ما التوصيف القانوني لإجراءات سحب وإسقاط الجنسية، كونكم متخصصين بهذا المجال؟

إجراءات سحب وإسقاط الجنسية من القرارات السيادية للدول، وهنالك فرق ما بينهما وان كان كلاهما يؤدي إلى نزع الجنسية من الشخص ومعاملته معاملة الأجنبي، فالسحب يقع على الشخص الذي اكتسب الجنسية في تاريخ لاحق على الميلاد، أما الإسقاط فيقع على المواطن الأصلي، والمواطن المكتسب للجنسية.

ويقع سحب الجنسية في أربع حالات نظمها المشرع، منها فترة الشك والريبة والتي تمتد لعشر سنوات من تاريخ اكتسابه للجنسية، وإذا ما أدين خلال هذه الفترة بحكم جنائي بجريمة مخلة للشرف والأمانة، يجوز للجهة المختصة سحب جنسيته.

ومن المسببات أيضاً إذا حصل الشخص على الجنسية بناء على أقوال كاذبة او مستندات مزورة، وفي حال استرداده لجنسيته الأصلية دون موافقة وزير الداخلية، وعدم الإقامة بمملكة البحرين لمدة خمسة سنوات متصلة، دون أن يقدم عذرا مقبولا، أو إذنا من الجهات المختصة.

أما الإسقاط فيشمل نزع الجنسية من المواطن الأصلي أو مكتسب الجنسية، إذا ما خالف النظام العام، كأن ينخرط بالخدمة العسكرية في دولة أجنبية دون موافقة الحكومة، وطلبت منه الحكومة العودة وترك وظيفته هذه ولم يتركها، وإذا ساعد دولة معادية، وكذلك إذا تصرف أي تصرفا يناقض واجب الولاء.

وموضوع إسقاط الجنسية –بالعموم- أمر غير مرحب به دولياً، خصوصاً من قبل المنظمات الدولية، وعليه فالدول مدعوة لدراسة الأمر جيداً قبل الإقدام عليه.

 

هل أنت مع (الكوتـــا) النسائية في السلطة التشريعية أم لا؟ ولماذا؟

الكوتا –كما تعلم- هي عبارة عن محاصة نسائية، بتخصيص عدد من المقاعد بنسبة معينة، بغية وصول المرأة لمقاعد التشريع وصنع القرار، وبرأيي فإن البحرينية ليست بحاجة لذلك لأن ضعف وجود المرأة في البرلمان ليس لعدم كفاءتها أو لوجود خلل بالتشريع، وإنما لعدم اهتمامها من الأصل في المجال التشريعي، والدليل بأن المرأة لا تترشح بالقدر الكافي بدائرتها للوصول للمقعد التشريعي.

وتنحصر اهتماماتها في أمور أخرى، ولكن وإذا ما تمت توعية المرأة بأهمية وجودها في هذا الجانب، لربما أولت الأمر المزيد من الاهتمام لذلك.

هل أنت مع مساواة المرأة والرجل وفقاً لما نصت عليه اتفاقيات الأمم المتحدة لمناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو)؟ ولماذا؟

أنا مع مساواة المرأة بالرجل في الوظائف، وفي الحقوق المدنية والسياسية، ولكن في الحقوق الشرعيـــــة، لا يمكن أن يكون هنالك مســـاواة، لأنه سيحــدث إخلال في أحكام الشريعــة الإسلاميــة.

البحرين انضمت بالفعل لاتفاقية (السيداو)، لكن هنالك بعض التحفظات التي أكدتها الحكومة، والتي تتعلق بأن الأخذ بهذه القوانين يجب أن لا يخل بأحكام الشريعة الإسلامية.

 

وفقا لقانون العقوبات البحريني، المغتصب يستطيع أن يفلت من العقوبة إذا تزوج المغتصبة، هل يحقق هذا العدالة؟

تنص المادة 353 من قانون العقوبات  بأنه “لا يحكم بعقوبة ما، على من ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد السابقة، اذا عقد زواج صحيح بينه وبين المجني عليه، فإذا كان قد صدر عليه حكم نهائي قبل عقد الزواج، يوقف تنفيذه وتنتهي آثاره الجنائية”.

والمواد السابقة تتكلم عن الاغتصاب، هتك عرض، فعل مخل بالحياة بمكان علني، التعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها بالفعل أو القول بمكان عام أو في مكان مطروق أو بالهاتف.

وأنا لا أوافق على إعفاء المجرم من جرمه، ولكن وجود النص –أحياناً- يخدم مصلحة البنت، في حالات الحمل، وإذا خرجت برضاها، وإذا كان عمر الجاني صغيرا، ناهيك عن أن هذا النص يمنح القاضي السلطة التقديرية، ولا يوجد زواج يتم قسراً، بل بموافقة ولي الأمر، والبنت نفسها.

 

لماذا لا يوجد تجريم في القانون البحريني لزنا المحارم؟ في حين إن هنالك توجها دوليا لجعل هذا الفعل المشين مجرما؟

مخطئ من يقول إن القانون البحريني لا يجرم زنا المحارم، فقانون العقوبات جاء بنصوص واضحة في العديد من الجرائم بهذا الجانب، منها هتك العرض، خدش حياء أنثى، وهي قوانين تنطبق على الأقارب وغير الأقارب.

كما خرج مؤخراً قانون رقم 17 للعام 2017 بشأن الحماية من العنف الأسري، والذي اشتمل على تجريم أي حالة إيذاء وقع داخل الأسرة، سواء من الأب لأولاده، من الأخ لأخواته، من العم على عيال أخيه، من الخال والجد، وغير ذلك، وإذا لم يوجد هذا القانون من الأصل، فقانون العقوبات يغطي المطلوب.

 

كيف يمكن أن يكون القانون البحريني منافساً في سوق العمل الدولي؟

وجود قوانين تخدم التجارة الدولية، سيدفع لأن يكون القانون البحريني منافسا بالسوق، ووجود قانون التحكيم التجاري الجديد، ووجود اتفاقيات استثمار مع الدول الأخرى، توفير بيئة استثمارية قانونية ومبانٍ خاصة للمحاكم التجارية سيجعل من البحرين سوقًا أقوى.

هنالك تطور ملحوظ بهذا الجانب، والسلطة التشريعية تقدمت بكثير من القوانين التي تنظم ذلك في هذا الجانب وبما يخدم البحرين.