“من يستمع إلى الإذاعة في هذا العصر؟”، سمعت هذه الجملة من أحد الجيران، وأتوجه إليه بالتحية البليغة وأشكره على هذا الرأي الذي يشكّل مزيجًا عجيبًا من التحدي للإذاعة ورسالتها، وهي من أقوى العوامل التي تبث نور المعرفة بين الأجيال، بل وتلعب دورًا طليعيًّا كأعظم أداة لتوعية الناس، فلولا الإذاعة التي سبقت التلفزيون بمراحل طويلة لما التقت أمواج الدول والحضارات وانتفع الناس بلذة الاستماع إلى ما يعشقونه عبر الأثير.
لكن هل الإذاعة تمر بتحديات بشكل مباشر وغير مباشر؟ الجواب نعم، لأن مستقبل الإذاعة سيتحدد بشكل أو بآخر بمدى ما تقدمه من جديد ومتميز للمستمعين، خصوصًا أولئك الذين يتمسكون بالولاء للإذاعة بكل المفاهيم، أي في نوعية البرامج التي ستذيعها، وبالتالي الشكل الملائم والزمن المطلوب لكل برنامج، وعندنا نتحدث عن إذاعة البحرين، فإننا نفخر بتاريخ هذه الإذاعة وروادها والخدمات التي قدمتها للمجتمع عبر الأجيال، ولا تزال تحظى باهتمام قطاع واسع من المواطنين والمقيمين، بل إن إذاعة البحرين احتلت مركزًا مميزًا من بين إذاعات الدول الخليجية والعربية الشقيقة، وما زلت أتذكر برامجها التعليمية لكل المستويات في الثمانينيات، والتفسير والشرح والتبسيط، واتصالها الحقيقي مع المستمع عبر برامج كثيرة، وأنا أحد أبنائها الذين تشرفوا بكتابة وإعداد برامج ثقافية وفنية وأعمال درامية أشهرها أجزاء مسلسل “يوميات أم سحنون” الذي مازال عالقًا في ذاكرة الكثير من الناس.
ونتمنى من الإخوة المسؤولين في إذاعة البحرين عمل استبيان لأخذ آراء ومقترحات المستمعين وقياس اتجاهاتهم كركن أساس من النجاح، خصوصًا في ظل سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات.