ثمة نبوءة في العالم تؤكد نهاية عصر الأدب المكتوب، كالقصة والرواية والشعر، إلا أن الأذن العربية التي أحبت الشعر ذات يوم وما زالت، قد تمد العين بخبرتها المتذوقة فتحب الرواية كعزاء معقد التركيب لواقع متشابك الأحداث والأهوال والتغيرات المتسارعة.
رواية.. رواية، من يقرأ روايات هذه الأيام، فقد ولى زمن الازدهار الأدبي والفني، ونعني زمن الستينيات والسبعينيات والثمانينيات الذي تحوّل فيه جميع الأدباء في البحرين إلى نجوم ساطعة في سماء الإبداع الخليجي والعربي. من جاء بعد أولئك الكبار الذين يستشف منهم الدارس نظرات جمالية ورؤية فلسفية، حيث تحقق معهم كمال الشرط الروائي؟ من سيخلفهم بنتاج واسع ومتكاثر ومتميز يستقطب جميع الفئات؟ أين هم أصحاب النمو والتكامل والمعاصرة والإطلالة التي يمكن أن تنتج معرفة ورؤية إبداعية بالتحديد والتثبيت؟ لا أحد. كل ما نشاهده اليوم مجرد “رواية طفلة” يستحيل أن تقترب من الكمال والنمو، تخبطات وتناقضات ومآس ولغة هجينة غير واضحة، روايات مسجلة على الواقع نعم، لكنها بلا أصول وسطحية وأقرب إلى السذاجة، ولا أعرف كيف يطلق هؤلاء على أنفسهم كتاب رواية أو “روائيين على الطريق”.
منذ فترة طويلة جدًّا لم نسمع بجيل جديد من الشباب فرض نفسه بقوة في الساحة الأدبية، فإذا تقصّينا كل ما هو مطبوع ويحمل اسم الرواية، فإننا لن نعثر على أية رواية جديرة بالقراءة حتى لو وصل العدد المطبوع إلى مئة، وإذا ما تحرينا الدقة وجدنا أن ما يكتب لا ينتمي شرعًا إلى الفن الروائي.