العدد 6041
الثلاثاء 29 أبريل 2025
يكتبون القصة القصيرة في ثلاث ساعات!
الثلاثاء 29 أبريل 2025

 حينما كنا نكتب القصة القصيرة قبل دخولنا عالم الصحافة والتلذذ بجروح رماحها طوال 30 سنة، كنا ننام على هشيم الفصول ونعجز عن تخطي أطرها الضيقة، وإنجاز قصة قصيرة واحدة كان أشبه بالحرب العالمية أو التحليق فوق التاريخ، أما شباب اليوم فيفتخر بكتابة قصة قصيرة في ثلاث ساعات فقط، ويتابع الرحلة في طريق الإعداد لمجموعة قصصية، بل وسمعت أن أحدهم كتب قصة قصيرة خلال رحلة طيران من البحرين إلى دولة عربية شقيقة، متناسيًا أن القانون الأساس للإبداع هو التريث والاحتكاك الجاد.
 كان التفكير في كتابة قصة يستغرق منا عادة شهرين أو ثلاثة أشهر، نقلّب خلالها الفكرة على وجوهها وندرس مراحل نموها والطريقة التي سنصوغ فيها هذه القصة، والضمائر التي سنستعملها، والحوار الذي سيجريه الأشخاص فيما بينهم، والإطار الذي سيتحركون فيه بعيدًا عن الارتجال، وتأتي بعد ذلك العملية الصعبة، العملية الشاقة القاسية، والتي تشبه اقتلاع الأضراس، حين يجهد الكاتب في نقل كل هذه التصورات إلى الورق في صدام قاس مرير مع اللغة التي لا يمكن أن تعبّر عن كل شيء في كثير من الأحيان. وتأتي عملية التمزيق، تمزيق الصفحات الأولى، وإعادة كتابتها مرة ومرة إلى أن تنتهي كتابة الأثر وقد لا يتجاوز بضع صفحات، فإما أن يدفع إلى النشر بعد قراءته، أو أن يدفع إلى النار على حد تعبير فاليري.
كتابة القصة القصيرة ليست أمرًا هينًّا كما يتصور البعض، لكنها رحلة طويلة مليئة بالتحديات وتحتاج إلى مؤونة وتجربة وتفتق طاقات فنية غير عادية في الطبيعة والمستوى.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .