لا يمكن لأحد منا أن ينتهي من سرد ذكرياته مع رائد التوعية المرورية في مملكة البحرين والخليج العم عبدالعزيز محمد يوسف بوحجي الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى بعد مسيرة حافلة بالعطاء والخير والإنجازات في مجال عمله التوعوي الذي سيظل شاهدًا على إخلاصه وتفانيه. عاش طوال عمره في محراب التوعية المرورية يبحث ليعود في تواضع ويتحدث للصغير والكبير، وكان أسلوبه البسيط انعكاسًا لروحه الطيبة الخيرة وفكرته الناعمة وبلاغته العميقة.
كان صاحب منهج في الإذاعة والتلفزيون تخرج منه كثير من الإعلاميين والكتّاب، ينطلق على سجيته في المحاضرات التوعوية التي كان يقدمها بسعادة في المدارس الحكومية والأندية وغيرها، قوة وصلابة وثقة ومنطق آخاذ وجدل موضوعي، وأستذكر العم عبدالعزيز بوحجي رحمه الله حينما أهداني “راديو صغير” على شكل علبة بيبسي كولا بداية الثمانينيات، حيث شاركت في مسابقة الرسم بالمدارس وفازت لوحتي بالمركز الثالث، وهو من طلب مشاركتي في المسابقة عن طريق والدي محمد الماجد رحمه الله الذي تربطه به صداقة عجيبة، كحال أبناء ذلك الجيل وقلوبهم النقية الصافية.
كان رحمه الله بمثابة موسوعة إعلامية وإحصائية في حقل الثقافة والسلامة المرورية ودليل ومصدر توثيقي ومرجع لا غنى عنه يبث نور المعرفة بين الأجيال، بل كان هو المنبع الفياض الوحيد الذي اغترف منه المجتمع البحريني بأسره السلامة المرورية والأمن على الطريق في ذلك الوقت، عبر برنامجه الشهير “طريق الأمان”، ما رسّخ أصول الثقافة المرورية وتغذية العقول وتحديد أفضل الممارسات الكفيلة بحفظ أرواح السائقين. رحم الله العم عبدالعزيز بوحجي وأسكنه فسيح جناته.