العدد 6033
الإثنين 21 أبريل 2025
banner
من طمع طبع
الإثنين 21 أبريل 2025

من يقرأ ويسمع يجد عشرات القصص لمن سقطوا ضحايا حوادث النصب والاحتيال، تلك التي تبدأ من الضحية حين يعتقد أنه الذكي المحظوظ، وأنه “الفلتة”، وعبقري زمانه.. لأنه حصل على صفقة لا تُفَوّت، كشرائه عبوات الماء، أو الدجاج الطازج، أو أية سلعة معروفة الثمن بربع سعرها من خلال إعلان إلكتروني في مواقع التواصل، أو حين يعتقد أنه سيربح من منصة تداول مشبوهة آلاف الدنانير، أو من محل إلكترونيات شعبي ادعى أنه يحقق أرباحًا تفوق المتعارف عليه بعشرة أضعاف أو أكثر، ولا أدري إن كان الواحد من هؤلاء يتخيل أنه أذكى وأفهم من البنوك العالمية!
وما علم هؤلاء المساكين أن الأموال التي توزع عليهم في بداية عملية النصب ما هي إلا الطعم لاستدراج المزيد منهم، فهي إغراءات وفخاخ تمهد لسقوطهم في شباك المحتالين، وبالله عليكم ما الذي يجعل الإنسان يحوّل آلاف الدنانير لمنصات غير مرخصة، بل وسبق التحذير منها من قبل الجهات الرسمية، ليضارب فيها؟ أو يحوّل لأشخاص لا يعرفهم مئات الدنانير مقدَّمًا لشراء سيارة وجدها معروضة للبيع بنصف سعرها، فقط لمجرد أنه يريد ضمان شرائها بهذا السعر غير المنطقي ولا العقلاني؛ ليدخل بذلك في جملة المنصوب عليهم، أليس الدافع إلى كل ذلك الطمع؟!
ولو سلّمنا جدلا أن الحتمية التكنولوجية فرضت واقعها الجديد الذي سهّل على الكثير من النصابين و “الحرامية” الوصول إلى الضحايا، وتولدت جراء ذلك تكتيكات مختلفة، وتطبيقات ومنصات تداول.. فأين فراسة الإنسان وحيطته مع كل هذه الحوادث المتكررة والتحذيرات المتتابعة التي يعج بها عالمنا الافتراضي في هذه الوسائل؟! كيف يخفى على الإنسان أن هدف هؤلاء النصابين جميعا سرقة أموال الناس عبر جرعة عسل وانتصارات مالية.
يتم بها أول الأمر إيهام الشخص أنه عبقري ماليّ حقق أرباحًا قوية لتميزه، فيستدرج لضخ المزيد من الأموال - وهو بطبيعة الحال ينجر لذلك - والنتيجة الأكيدة حينها أنه إما أن يكون نموذجًا للفائز الذي يُستغل لترويج هذا الفخ الإلكتروني، أو يكون من الطابور الثاني الذي سيأكل المقلب.  
ولكي نستفيد - عزيزي القارئ – ولا نكون الضحية القادمة، فإننا نحتاج أن نفهم أن أوهام الثراء السريع مجرد سراب، سيدفع بك في نهاية الأمر نحو الهاوية بأسرع مما تتخيل، وحتى لو حصلت على شيء من الأموال في بداية الأمر، فثق تمامًا أنها أموال الضحايا من الطابور الثاني المنصوب عليه، تأكلها سُحتًا بغير حق.
نحتاج أمام هذا السيل الجرار من هذه العمليات إلى حُقَنٍ من التطعيمات التوعوية والتذكير المستمر لمختلف شرائح المجتمع، وأن نتذكر دائما أن عواقب الطمع وخيمة، وما أصدق المثل الشعبي القائل: مَن طمع طبع.


كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .