العدد 6003
السبت 22 مارس 2025
إمامُ اليتامى!
السبت 22 مارس 2025

 يترك أثره الفاعل بما يقوم به من نشرٍ رصينٍ للوعي وإشاعة مُوجبة للإيجابيات، تُثير بحماستها الأفراد والجماعات، فيحلّون مُستعصي المُشكلات ويتخذون سليم القرارات بأنجع العلاجات، والتي يتخللها الدّفع بقوى المجتمع على بثّ الحبّ والتراحم وتنمية مهارات التواصل والاتصال، وسدّ الاحتياجات والمتطلبات، وتحقيق عدالة المجموع والجماعة التي يقضون فيها على فقرهم وتقوية علاقاتهم في سياق يُسمى “تكافلًا اجتماعيًّا” يكفل فيه أفراد المجتمع بعضهم ببعض ويتبادلون فيها الخبرات والمسؤوليات والموارد والفرص.
 تتنوع صور هذا النوع من التكافل ومسبباته في تعزيز روح الإيمان وتعميق مشاعر التراحم خلال شهر الرحمة والإحسان بما تتركه من أثرٍ بالغ لتداعياتها في تغيير حياة الآخرين ونشر أجواء الطمأنينة وصلاح القلوب وبناء الأركان وسيادة الأواصر المجتمعية إلى حيث صيانة الأنفس وسدّ الحاجات وقضاء المُبتغيات – خصوصًا لفئة الأيتام – في صنوف الرعاية وأوجه الكفالة التي تعود بالخير الوفير والصلاح الكبير والأجر العظيم، وهي عينُ ما بينّها رسول ربّ العالمين (ص) للرجل الذي قَدِمَ إليه يشكو قسوة قلبه؛ فحثَّه على رعاية اليتيم لما لها من فضل على تجنيب القلب الشِّدَّة وصونه من الغِلظة.
نافلة: 
هو مَنْ وُلِدَ في “جوف” كعبة الطائفين ونزلت في فضائله آيات الربّ الجليل، وأول مَنْ آمن بابن عمّه رسول ربّ العالمين (ص) حين آخى بينه وبين نفسه حتى أصبح الوصيّ المؤتمن والرّاوي الصادق والكاتب الموثوق والصهر الأمين. 
لابنته الطاهرة البتول (ع) والحضن الدافئ لسِبطيه الحسن والحسين (ع)، وكيف لا يكون وهو خليفة المسلمين في إسلامه الأول وإيمانه الأقدم وضربه بالسيفين وطعنه بالرمحين صونًا لشرعة سيد المرسلين (ص). إنّه إمام اليتامى والأيامى الذي أفاض في أيام شهره المبارك عليهم بعطفه الأبوي وأغدق في لياليه الشريفة إليهم بلذيذ المطعم والمشرب حتى قال عنه أبو الطفيل في ربيع أبرار الزمخشري: “رأيتُ عليًّا (ع) يدعو اليتامى فيُطعمهم العسل حتى قال بعض أصحابه لوددتُ أنّي كنت يتيمًا”، وهم مَنْ اصطفّوا – أي اليتامى - على باب داره حين بلغهم ما أصابه وفي أيديهم ما أوصى به الطبيب من اللبن لجرحه الغائر! إلى أنْ لقيَ ربّه مغدورًا في مثل هذا اليوم (21 رمضان 40هـ بمسجد الكوفة) على محراب صلاته مُضرجًا بدمائه الزكية وهو في مضمار ربّ العزة والجلالة الحقّ.
فسلامٌ عليكَ يا وصيَ رسولِ الإسلامِ يومَ وُلِدْتَ، ويومَ استُشهِدْتَ ويومَ تُبعْثُ حيًّا بروحٍ زكيةٍ وبدنٍ طاهر.

 كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية