تُمثّل – بأدائها خمس مرات في اليوم - الحبل المتين الذي يربط الإنسان بعالم الغيب السحيق وصلته بالخالق الجبّار، كما يُشار لها بأعظم العبادات الخاشعة وأحبّ الأعمال الحسنة ذات الأثر الكبير والأهمية البالغة، فهي عماد للدين الحنيف وسبب في غفران الذنوب الهالكة وطريق للسكينة الهانئة وراحة للقلب العطوف ورافعة للدرجات العُلى وعلّة في دفع البلاء المضر ومزكية للنفس الأمارة ومُقوية للتربية القويمة على نهج العبودية الحقّة والخضوع الخانع للواحد الأحد، كذلك هي فتّاحة لأبواب الخير ومداخل الرزق، ومُفرجة لأعظم الكربات والشرور ودافعة لأكبر فوز بالجنة والرضوان حين "تُخْلَصُ" له عبادة - بأقوال وأفعال - تُفتتح بالتكبير وتُختتم بالتسليم.
تبقى الركن التالي للشهادتين في مسعاها الخيّر لشفاء القلوب وإصلاح النفوس ودفع البلاءات والمصائب وزيادة الدرجات والمراتب في حضرة الخالق المتعال مناجاةً وتضرعاً؛ هي من آخر وصايا نبي الإسلام (ص) لأُمَّتِه التي "أُمِرَتْ" بالدوام والمحافظة عليها في شمول أحوالها - حضَراً أو سفَراً، وسِلماً أو حَرْباً، وصِحَّةً أو مرضًا - لنهيها عن الفَحشاء والمُنكَر وتطهير الروح والقلب وغسيل الذنوب والخطايا وغفران الزلل والفواحش، ومخرجا للهموم وتفريجا للكروب ودرءا للمحن والشدائد وحماية من الهلع والفزع على طريق الخير والفلاح والفوز في الدنيا والآخرة.
نافلة:
في هذه الأيام المباركة، يُصادفنا الشهر التاسع في التقويم الهجري، الشهر الذي يحتضن ركناً من أركان الإسلام، حيث المسلمون يقومون في آناء لياليه بأقدس الصلوات وأخلص الدعوات ويمتنعون في أطراف نهاره عن ألذ الأشربة وأشهى الأطعمة.
من الفجر حتى غروب الشمس بالجوارح قبل الأجساد. إنّه شهر "الوفاء" بفريضة الصيام والقيام وقراءة القرآن وأذكار الدعاء وإيتاء الزكاة والصدقة وتكفير الخطايا وتسقيط الذنوب ووصل الأرحام واعتكاف المساجد وأداء العمرات وزيارة البقاع الطاهرات التي هي – مجتمعة - من أفضل الأعمال الصالحة التي يقوم بها المسلمون في جميع أرجاء المعمورة، فيما يكون "أَجَلُّهَا" إقامة الصلاة في أوقاتها في سبيل تقوية الإيمانِ والتقرّب للرحمان بخشوع وانكسار بعيداً عن إسراع أو تعجّل يغلبه اضطراب وارتجاج كـ (نقر الغراب!) في الركوع والسجود من أجل اللحاق بمائدة الإفطار، "قبَالَ" خضوع وخنوع تسوده طمأنينة وسكينة في مظاهر نورانية تخشع لها القلوب والأبدان في الفريضة والنافلة.
كاتب وأكاديمي بحريني