يزداد العبد (الضعيف) في مأكله ومشربه، ويقظته ونومه، وفعله وقوله، علمًا بخالقه الجليل وبصيرة في عبوديته الخالصة، حيث يعتازه في كل لحظة وساعة ويوم بآناء ليله وأطراف نهاره، كما يضطر إليه على الدوام في أقواله وأحواله وغوائبه وشواهده لما فيه من جلب الخيرات الوفيرة ودفع المضرَّات، عظيم حين يخرج هذا العبد من الفعل المكروه إلى الفعل المحبوب، ومن العمل الناقص إلى العمل التام، فضلاً عن أنّه يرفعه – أي العبد - من المقام الأدنى إلى المقام الأعلى. ذاك هو الاستغفار الذي ورد نصّه في الحديث القدسي: "يا ابن آدم، إنّك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو أنك أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تُشـرِك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة"، وهو ما كَثُرَ ذكره في محكم التنزيل الذي يأمر الباري فيه عباده ويحثُّهم عليه ويُحرِّضُهم به.
ليلة النصف من شعبان – والتي تتعدد أسماؤها بين ليلة البراءة، ليلة القسمة، ليلة الدعاء، ليلة الإجابة، الليلة المباركة، ليلة الشفاعة، وليلة الغفران والعتق من النيران - من الليالي العظيمة عند كل الطوائف الإسلامية التي حرص فيها الصادق الأمين (ص) وأهل بيته النجباء (ع) والخلفاء الراشدون والتابعون المخلصون (ر) من بعده على إحيائها، فهي من الليالي بالغة الشرف ورفيعة القدر وعظيمة المنزلة.
التي يُستحب الغسل والتّطيب والتّزين والصلاة والدعاء والصيام والاستغفار ورفع الأعمال الصالحة فيها إلى الخالق سبحانه، فضلاً عن دورها المؤثر على حياتنا في المناسبات الاجتماعية والدينية التي تؤكد هوية المجتمع وتخليد أحداثه وتقديس رموزه، إضافة لخدمتها في تماسك هذا المجتمع وتجديد حيويته وإبراز مواهبه وإبداعاته حتى اقتطاف ثماره الجليلة في تكفير السيئات ورفع الدرجات وجلب الأرزاق والإمداد بالأموال والبنين.
نافلة:
هي واحدة من الليالي الإسلامية المباركة التي تُصادف ليلة الخامس عشر من شهر شعبان في كل عام هجري، حيث نفحاتها الإيمانية ورحماتها الإلهية هذا العام تبدأ من مغرب يوم الخميس 13 فبراير 2025م وتنتهي مع فجر اليوم التالي بما ترتبط به من أحداث تاريخية عظيمة حُوِلّتْ فيها القبلة من بيت المقدس - الذي صلى الصحابة في اتجاهه نحو 16 شهرًا - إلى الكعبة المعظمة في مكة المكرمة، علاوة على ولادة حفيد سيد المُرسلين (ص) فيها الإمام محمد بن الحسن المهدي (ع) وما صيرّته ملائكة السماء فيها عيدًا تحتفل به فوق السموات العُلَى سروراً وابتهاجاً.
كاتب وأكاديمي بحريني