العدد 5961
السبت 08 فبراير 2025
الرّياحُ “الماكرة”!
السبت 08 فبراير 2025

للوهلة الأولى، تبدو سماته في قلة الصبر وقلقه السريع وانعدام تسامحه مع الآخرين حين تتناقض الأمور مع ما خطط له، بل ويصعب عليه تقبّل النقد والإحساس بشكل دائم بمهاجمة الآخرين له، واندفاعه في اتخاذ القرارات التي لا يلبث أن يندم عليها، كما تظهر معاناته في فقدان السيطرة على مشاعر غضبه وحساسيته السريعة التي يتأذى فيها لأتفه الأسباب، والشعور بالأسى والتفكير الزائد لصاحب هذه الشخصية ذات التقلبات المزاجية المُتشكلة كظاهرة تصف سرعة مشاعره وشدّة تدفق عواطفه على المحيطين من الأهل والأصدقاء والجيران والزملاء في الدراسة والعمل وغيرهم، وتأثيرها على حالتهم النفسية التي يصعب فيها تشكيل علاقات جديدة أو الحفاظ على علاقاته الحالية لوقوعه تحت تأثير المشاعر المتضاربة بين السعادة الفائقة والرضا إلى الغضب والضيق.

يُفترض عدم الخلط بين هذه الشخصية - المزاجية – وبين الشخصية العاطفية التي يستغرق وجودها بضع دقائق فقط، بينما تكون المزاجية أكثر غموضًا لعدم وجود شيء محدد يجعل المزاج يتغير من وقت لآخر، وهو على النقيض من العاطفية التي تدور حول موقف ما أو شخص معين أو أمر محدد في ارتباط المزاج بالعواطف، بمعنى عندما تكون الحالة المزاجية سيئة تنتابها عواطف سلبية غالبًا، أو عندما تكون الحالة المزاجية جيدة؛ فإنها تميل إلى المشاعر الإيجابية من سعادة وأمل وحب للحياة وفق ما أورده النفسانيون نصًّا. (

علاوة على استطاعة بعض الأشخاص تحديد الشرارة التي قد تُسبب تغيّرًا في مزاجهم، إلا أنّ الشائع أنْ تحدث التقلّبات المزاجية دون سبب واضح، فيما قد يختبر البعض الآخر منهم تغيّرا في مشاعرهم لبعض الاعتلالات المرضية والوراثية أو لجملة من الاضطرابات الفكرية والنفسية.

نافلة:

كيان الشخص كفرد أو مجموعة من الأفراد تقع تحت تأثير التقلبات المزاجية، هي كالرياح – الموسمية أو الصاعدة أو القطبية أو التجارية أو الساحلية - بتيارها الهوائي المُتدفق على الأرض بتقلّباته الصريرية الهائجة التي تمتد لأكثر من (26) يومًا ويُطلق عليها “الماكرة” حين تبقى مضطربة وتنعدم فيها حالة الاستقرار على جهة معينة من الجهات الأربع فضلًا عن (هجمات) برودتها القارسة وسرعة تغير نسماتها المتناوبة التي “تصفرّ” فيها الأجسام من كثرة الأمراض الجسدية ويصعب التعامل معه بالداء النفسي دون شعور بالراحة أو درجة من حساسيته عن التأثر الشديد الذي لابدّ من تجنبه بتفهم ما يمرّون به من ظروف تختلط بها المشاعر السلبية المحبطة، كما لابد من الهدوء والتجاهل والاستعداد لتقلباته من خلال وضع الحدود الشخصية إذا ما تمّ تخطيها بتعسر في العلاقة بينهما؛ ما يستوجب إنهاءها حتى لا تبقى “ضحية” لمزاجيته العكرة.

 

كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .