العدد 5940
السبت 18 يناير 2025
حفظُ آياتِ “القدوس”
السبت 18 يناير 2025

 يكاد “التفريق” بين الأسماء الحسنى لربّ العزة والجلالة وبين صفاته الجليلة من (المُحتّمات)، حين تدل الأولى على ذاته المقدسة فيما الأخرى تشير إلى ذاته وفعله الساميين، حيث تكون أسماؤه مُشتملة على صفاته اللائقة به وبكماله التي تكتسب معرفتها بالاعتقاد كجُزء من الإيمان به جلّ جلاله الكريم، وسبب في استقامة الإنسان ووقايته من الانحراف والضلال وتجنيبه الشرك والعذاب وتقريبه سُبُل الهداية والصلاح. هذه الأسماء قد أثبتها ربّ العزة والجلالة لنفسه كما أثبتها له تباعًا نبيّه (ص) وآمن بها جميع المؤمنين، والتي تعدّدت فيها أقوال العُلماء عن عددها المحصور ما بين الثلاثمئة اسم وبين التسعة والتسعين عدا صفاته الكثيرة عددًا ومصدرها القُرآن الكريم.
 من بعض صفاته سبحانه وتعالى الطهارة التّامة والكمال الأمثل، والتنزيه عن شرور الخطايا وبراثن النجاسات، والتي تجلّت في صفة من صفاته ألا وهي “القدوس” من القداسة التي تُنزّهه عن العيوب والنقائص لتنبع منها الأنوار والخيرات في طبيعتها الفريدة منقطعة النظير، وفي مظهر من مظاهر سيادته الأسمى عن كل الوجود، بإرادته المطلقة وسيادته الحاكمة التي أوردها كلامه الحقّ المبين في كتابه المُنزل القويم، وما يحظى به من المنزلة العظيمة والمكانة العالية لهداية البشرية وإصلاح حياة أفرادها في جميع مناحي حياتهم وصولًا لتوحّدهم في تحقيق مصالح الدين والدنيا، وإيقاظ مضامينه لبواعث البرّ والعون في نفوسهم واتباع منهاج الحق بتزكيتها إذا ما قرأ علّة في علو درجاتهم وإقبال المحبّ منهم له – على مرّ التاريخ البشري - قراءةً وتلاوةً وتعلّمًا وتدبّرًا وحفظًا.
نافلة: 
لأكثر من (1400) عام وحتى يومنا هذا، كتابٌ ليس بشعرٍ ولا نثر، فاق بلاغات العرب والعجم، وبه آيات عجيبات وإشارات بهيّات، هزّ عنفوان قريش بعربانها سالفًا وفسيح عالم بقاراته حاضرًا، وفي بحر من الغيب يُحدّثك، ونور من السماوات يخاطبك، وحبل من الضلالة يعصمك، في مقصد شرعي أصيل، وتعبير نبوي رفيع، بمفتاح تدبّر لمعانيه عميق، وتفهم لمدلولاته غزير، ووعي لأوامره ونواهيه بليغ، إذا ما ارتبطت حروفه وأرقامه منفردة أو مجتمعة في حالة؛ فإنهما يزدانان بعجائبه ويكتسبان مكانًا عليًّا بقدسيَّته، وأمَّا إذا ما ارتبطا بالربوبية والألوهية؛ جاز للمرء إطلاق عنان خياله ليتسامى بمقامهما في حالة أخرى. فنعمّا لسواعد أقبلت لا أدبرت، وصانت هذا الكتاب المقدّس طاهرًا وحفظته مقدّسًا، ولو كان قديمًا بصفحات ناقصة أو بآيات ممزقة تحت مسمّيات مختلفة كمشروع “جمع السور والآيات الممزقة” أو مبادرة “جمع المصاحف الممزقة والتالفة” أو غيرها المنتشرة في معظم محافظات البحرين ومناطقها.

كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية