تظل المنظومات الأهلية، سواء الأندية الرياضية أو الجمعيات الأهلية أو المشاريع الدينية كتعليم الصلاة وتحفيظ القرآن وتدارس علومه وغيرها، المنتشرة بكثرة في القرى والمناطق البحرينية المختلفة الركيزة الأساسية في تحقيق التغييرات الإيجابية والتقدم الاجتماعي المستدام، الذي يلعب دورا حيويا في تحسين حياة الأفراد والمجتمعات واستثمار أوقاتها ومواردها وطاقاتها في زيادة مُقومات العيش الإنساني الكريم المتصل ببواعث الخير والإحسان إلى الآخرين، ونشر ثقافة “الفزعة” بين أفراد المجتمع الواحد، ويرفع من رصيد قيمهم الأخلاقية وإحساسهم بالمسؤولية، باعتباره أحد المؤشرات الاجتماعية المشرقة في شمولية الخير والرحمة، فضلا عن تجليات التنوع في أصناف المؤازرة وأنواعها وصورها وأساليبها تقربا لرب الخلائق أجمعين.
قد تبدو واحدة من أولويات العمل الخيري، إيجاد مجتمع أكثر تراحما يعمل على تعزيز أطر التكافل بين أفراده، وتقاسم المسؤوليات مع أعضائه، وتقديم المساعدة لمحتاجيه ومحاولات تحسين ظروفهم وتقريب المسافات بينهم، وتمتين روح التضامن وترسيخ قيم الإيثار والتضحية والتعاون والتسامح والاحترام في أوساطهم، ما يخلق بيئة إيجابية ساعدت على إبراز شخوص كرست من حياتها بالجهد والوقت الكثير حتى ألهمت بقصصها الآخرين، عن عطاء لا محدود ونيات حسنة بلغت أسمى صورها الإنسانية في حفظ الكرامة وتحييد الأنانية وإظهار العطاء وتلبية الاحتياجات لفئات تفاقم ضعفها، سبيلا لبناء أفضل المجتمعات تكاتفا. (المقال كاملا في الموقع الإلكتروني).
نافلة:
إنه مُنتهى كُل حي، ذلك هو الموت الحتمي الذي يُورث الفقد ويُوجِع الحي ويُفجع الأفئدة ويكوي الليالي بحالك السواد، هو ذاك الفراق الأبدي الذي يُباعد الأجساد المُتيمة بما احتوته من قلوب نابضة ولحظات عذاب شاقة ولقاءات أحباب مستذكرة تَخَللها دعاء أخلاء ثكلى في مراسيم وداع شجية، هو ذاك المنون حين يقتص من القلب فاجعة والبدن ألما بتفريق لا يُداويه مكان أو يُباريه زمان. أجل، هو ذا ما كانت وقائعه قبل أسبوع (الجمعة 3 ديسمبر 2025م)، الذي مرت فيه ذكرى 40 يوما على رحيل “دينامو” التطوع وعامل الخير بهدوئه المعهود الشاب الأستاذ محمد منصور المحاري، الذي افترش مثواه الأخير ثرى قريته “جنوسان” وسط آهات أقربائه وحسرات مُحبيه، التي أوجعها صعب الفقد وأنهكها فجيع الألم بعدما استعجل رحيله بموت أدمَى النفوس وأوجع القلوب وقهر الأفئدة، قبلئذٍ بينهم بارزا بأنشطة خيرية وحاضرا في فعاليات اجتماعية ومتطوعا لمبادرات مباركة في رحاب الكتاب الكريم وأعمال الخير ببيوتات قريته الوادعة.
رب ارحم غربته، وصِل وحدته، وآنس وحشته، وآمِن روعته، وأفض عليه من رحمتك، وأسكن إليه من بردِ عفوك وسعةِ غفرانك ورحمتك ما يستغني بها عن رحمة مَن سواك، واحشره مع مَن كان يتولاهم من الصديقين والشُهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقا.
كاتب وأكاديمي بحريني