العدد 5926
السبت 04 يناير 2025
banner
“حُوشْ القَدُوع”!
السبت 04 يناير 2025

 قد تعود لأسباب بيولوجيّة ناتجة عن إصابة في الدماغ أثناء الولادة، أو لأسباب عضويّة بفعل تشوهات خلقيّة، أو لأسباب نفسيّة بسبب الإحباط، أو لأسباب اجتماعيّة لقسوة في المعاملة، أو تعود للتسارع الحضاري الذي تصعب مواكبته بما يبرزه من وقائع الانجرار للسلوكيّات السيّئة في مظاهر سلبية تُخالف القوانين والأنظمة وإثارة المشاكل وتخريب الممتلكات وممارسة الجرائم وتجارة السوق السوداء والإدمان على المخدرات والعقاقير وغيرها.

هذا كلّه جاء في إبداع فريد من خالق مُتعال تَكرّمَ على مخلوق فأحسن تصويره وميزه عن بقيّة مخلوقاته، بل استخلفه في عمارة الأرض ولبى متطلباته حتى انقسم في حياته الدنيوية القصيرة إلى مَنْ سلك طريق الهداية والنجاة ومَنْ اتبّع سبيل الضلال والأهواء.

 تلك جملة من مُسبّبات “المرض الاجتماعي” المُتشكل من السلوك غير السوي الذي يضر بأفراد المجتمع ويهدّد أمنهم واستقرارهم وقدرتهم على ممارسة حياتهم بالشكل السليم، ما يستدعي وقاية وعلاجًا بعد انتشاره في كثير من المجتمعات إبّان فقدان القدوة وغياب التربية بين صفوف أبنائها حتى استفحلت آفة اجتماعية برزت كواحدة من أهم معوقات التنمية في أيّ مجتمع بشري قد انهارت فيه منظومة التربية على الأخلاق الحميدة والتمسك بالعادات والتقاليد التي أدّت إلى ضعف الإنتاجية؛ الأمر الذي يستوجب تناغمًا وتنسيقًا في الجهود بين المؤسسات الاجتماعية والدينية وتنظيمًا وتكاملًا للمساعي بين المنظومات الثقافية والدينية المختلفة في محاربة هذه الأمراض واتّقاء مسبّباتها.

نافلة:
ظاهرة “حُوْشْ القَدُوْع” التي تعني شعبيًّا تصدّر الضيف الزائر المدعو لإحدى المناسبات وهو في وضع يغلب عليه الطمع والجشع بإطعام نفسه وملء بطنه حتى التخمة، يبدأ بعدها بجَمْعِ صُنوف المأكول والمشروب على مائدة الطعام المُتاحة - في الأصل - لعامة الضيوف؛ قد عادت - هذه الظاهرة - مجددًا كواحدة من الأمراض الاجتماعية والسلوكيات النشاز دينًا وعرفًا على الموائد التي يستولي فيها هذا الضيف أو تلك المجموعة من الضيوف على أطباق الطعام لأنفسهم بصورة زائدة عن الحدّ ولافتة للآخرين دون أدنى مراعاة لآداب الطعام وقواعد الضيافة التي رسمت الصورة واضحة في طريقة تناوله حين تبدأ بالتّسمية وتنتهي بالتحميد والأكل باليمين من جانب القصعة التي تليه دون اتّكاء أو إعابة لطعام أو نفخ فيه أو ترك اللقمة الساقطة أو إصدار صوت في الشراب أو حديث أثناء مضغ الطعام أو عبث بالأسنان أو تسليك لها أو تخليلها أثناء الأكل والشرب أو مزاحمة حقائب اليدّ والمفاتيح والقفازات على المائدة أو نفض الفوطة عليها أو إطفاء السجائر في الأطباق والأكواب.

*كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية