العدد 6000
الأربعاء 19 مارس 2025
الصيام الروحي
الأربعاء 19 مارس 2025

 تتجاوز أهداف شهر رمضان المبارك مفهوم الصيام الذي نتوقف فيه عن الأكل والشرب إلى أهداف كثيرة وسامية تقتضي الارتقاء بالنفس البشرية وإعادة تعميرها في ظل القيم التي يفرضها علينا الشهر الفضيل.
ويعد الصيام الروحي من الغايات المهمة في هذا الشهر، حيث إن التركيز على الممارسات الحياتية العادية أمر مفروض، وذلك من خلال العناية الصحية وتكثيف التواصل الاجتماعي وتغيير الروتين وغيرها من ممارسات معتادة، بينما الصيام الروحي هو ثقافة ذاتية ترتبط بتنقية النفس وتعزيز الارتباط الروحي من خلال بذل مجهود مضاعف في العبادات والتأمل وصولًا للصفاء الداخلي وتحقيق القدرة على ضبط النفس في المواقف الضاغطة، على سبيل المثال المواقف التي تحدث في بيئة العمل وتكون فيها فرصة للجدل والمشاحنات، فإذا لم يتم تغليب الصيام الروحي في هذه المواقف فستكون هناك فرصة لعدم القدرة على ضبط الانفعالات، ما قد يتسبب في حدوث الكثير من المشكلات، وكذلك ما يحدث داخل الأسرة الواحدة سواء في علاقة الزوج والزوجة أو العلاقة مع الأبناء، لابد أن يكون هناك إدراك إلى أن الصيام لا يعني الامتناع عن الأكل والشرب فحسب، بل هناك تغاض عن الزلات ورحمة ومحبة وتسامح، فلا يمكن أن يتحقق الصيام الروحي إلا من خلال تعزيز القيم.
يأتي الصيام الروحي ليخفف الصراعات الداخلية ويخلق فرصة للتأمل الروحاني العميق الذي من شأنه أن يحدث تغييرًا في نظرة الفرد لنفسه ومحيطه رغبة في تحسين الذات ومعالجتها من أوجاعها. أعتقد بأننا نحتاج للصيام الروحي بين الحين والآخر وليس فقط خلال شهر رمضان، وذلك لأن الممارسات التي تطمئن النفس وترتقي بها كفيلة جدًّا بإعادة التوازن وتحقيق الاستشفاء الذاتي.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .