العدد 5969
الأحد 16 فبراير 2025
التفوق الكمي الصيني
الأحد 16 فبراير 2025

قمتُ مؤخرًا بكتابة مقال حول التقنيات التي يجب مراقبتها في العام 2025، وكانت من ضمنها الحوسبة الكمومية، حيث تُعدّ تكنولوجيا الكم واحدة من أكثر المجالات تقدمًا في العصر الرقمي الحالي. ومن المتوقع أن تكون محركًا رئيسيًا يحدد الهيمنة المستقبلية، كما تسعى العديد من الدول للحصول على ميزة السبق لاقتناص حصة أكبر في السوق، فيما تسرع الصين لتصبح قوة رائدة في تطوير وتطبيق هذه التكنولوجيا.
وبينما تعتمد الحواسيب التقليدية على وحدات “البِت” لتمثيل المعلومات التي تحتوي على حالتين فقط، هما (0 و1)، فإن الحواسيب الكمومية تستخدم القُيوبتات التي تتمكن من التواجد في أكثر من حالة في نفس الوقت بفضل خصائص فيزياء الكم، ما يتيح لها إجراء العمليات الحسابية بسرعة مذهلة لا تستطيع الحواسيب التقليدية الحالية تحقيقها.
ويؤدي ذلك إلى زيادة قوة الحواسيب الكمومية بشكل هائل، ما يتيح كسر تقنيات التشفير الحالية بسهولة، ويجعلها تكنولوجيا ذات أهمية كبيرة للحكومات ووكالات الاستخبارات. وعند تطبيق هذه التقنية على وسائل الاتصال، يتم الوصول إلى الاتصال الكمومي، الذي يوفر نقلًا آمنًا للمعلومات الحساسة، وهو أمر بالغ الأهمية للمؤسسات العسكرية والمالية.
إن الذي يتمكن من استغلال هذه التكنولوجيا بأسرع وقت، ودمجها في التيار السائد، سيكون قادرًا على تحقيق العديد من المزايا العسكرية والاقتصادية، حيث تعتبر تكنولوجيا الكم من العوامل الرئيسية التي ستشكل عالم الحوسبة في المستقبل، وليس من المبالغة القول بأنها ستحدث ثورة جذرية في العديد من العلوم والتقنيات المستقبلية، وخاصة الذكاء الاصطناعي.
لقد أدركت الصين هذا العامل، ووضعت الكثير من الجهد والاستثمار في هذا المجال، وقد زادت استثماراتها في العلوم والصناعات، مع التركيز بشكل خاص على الدراسات الكمومية. ومنذ العام 2022، أصبحت تنتج المزيد من الأوراق البحثية في مجال الكم كل عام مقارنة بأي دولة أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة.
ويعتمد نهج الصين على نموذج موجه من الدولة حيث تقوم بدور الوسيط بين المؤسسات البحثية العامة والمشترين المملوكين للدولة.
فالصين تمتلك أكبر شبكة اتصالات كمومية في العالم، تمتد على 12,000 كيلومتر باستخدام قمرين صناعيين كموميين. وقد استطاع الباحثون الكموميون الصينيون تسليط الضوء على التطبيق الاستراتيجي لأبحاثهم، ما يضمن استمرارها في صدارة أولويات الحكومة.
إنني أحيّي الرئيس الصيني شي جين بينغ لرؤيته المستقبلية وقدرته على تنفيذ استراتيجية شاملة كهذه ستعود بالفائدة الكبيرة على الصين. كما أنني فخور بالعلاقات الوثيقة التي تجمع “TAG.Global” بالصين، ودائمًا ما أُعجب بالتقدم السريع الذي تحققه في مجال التكنولوجيا على جميع الأصعدة. من الواضح أن الصين تسعى لأن تصبح الرقم واحد عالميًا، وقد يكون التفوق في الحوسبة الكمومية هو العامل الحاسم الذي يرجح الكفة لصالحها.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .