كما كان متوقعًا، عاد بعض السادة النواب إلى الحركات الحربية المبكرة في الجلسات، واللهجة الصارمة ومنطق النقد المحاط بلمبة “كاز” لا تنير سوى عدة أمتار، وفي اعتقادهم أنهم أصوات تمزق السكون مثل الرعد الذي يجعل الآخر يلصق ظهره بالحائط وكأنه فاقد القدرة على الحركة.
أحدهم يقدّم اقتراحات لا تنطق بحرف واحد من العقلانية وهو يعرف في قرارة نفسه أن هذه الاقتراحات من الصعب جدًّا أن توافق عليها الحكومة الموقرة لأنها تسير على نظام دقيق محسوب، وتعمل بكل طاقاتها وإمكانياتها في خدمة المواطن في شتى المجالات، لكن من أجل متابعة روائعه والزخارف المصورة يريد أن يقول للناس إنني موجود بصوتي ورؤيتي واقتراحاتي وسحري العميق واطلاعي الواسع، لمعرفته أو لاعتقاده إن صح التعبير بأن الناس تتجه وتلتفت وتحب النائب الذي يصرخ وينفعل بالمعنى الشامل للكلمة.
هؤلاء يتصورون أن من أبرز مظاهر الشجاعة والصدق تقديم الاقتراحات التعجيزية، ليكسبوا تعاطف الناس الذين فهموا كل شيء وباتوا يعرفون النغمات والتمثيل والمكياج وطريقة حبكة السيناريو المرسوم في كل جلسة، بدليل كثرة التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي التي تكشف مدى استيعابهم كل ما يقوله أي نائب، فالوضع أشبه بلوحة كبيرة مكتوب عليها بخط واضح.. نحن نعرفك ونعرف ماذا ستقول وكيف ولماذا ونفرق بين الواقع ونسج الخيال.
ليس تحاملًا على بعض السادة النواب، لكن من غير المنطق والمعقول أن يلعب الشخص على مائدة البلياردو الخضراء، ثم يقول إنه يلعب رمي القلة أو المطرقة أو القفز على الزانة، بمعنى.. الميزان يتكلم والمرايا تعكس الصورة بكل وضوح.