يقول الأديب نجيب محفوظ: “لا تخبرني عمن يكرهني أو يتكلم عني، أتركوني أحب الجميع وأظن أن الجميع يحبني، فرسول الأمة يقول: لا تنقلوا لي شيئاً عن أصحابي، فإنني أحب أن أخرج إليهم وأنا سليم الصدر”. انتهى. ما أروعها من مقولة. أنا على يقين بأنك سيدي القارئ تشاطرني الرأي في وصفي لها بالرائعة فهي حقا مقولة رائعة وخاصةً لأصحاب تلك النفوس التي استطاعت أن تمحو الكراهية والحقد من الجذور، فهما وكما يقول وليام شكسبير فرن يحترق فيه صاحبه. أليس هذا صحيحاً سيدي القارئ.
أستذكر في هذا السياق موقفاً يرفض الرحيل عن ذاكرتي ولكني استطعت أن أودعه هامش الشعور فيصبح خاليا من التأثير ولا يكاد يخرج الى السطح، فهو تحت الركام وسيظل كذلك ما دامت الإرادة الخيِّرة هي المسيطرة على إدارة النفس. اليك سيدي القارئ هذا الموقف الذي يرويه لنا أحد الزملاء:
خلال الأسبوع الأول من تعييني على وظيفةٍ إداريةٍ متقدمةٍ جاءني أحد العاملين في المؤسسة وقال أولاً أبارك لك تعيينك على المنصب الجديد فأنت خير من يشغله وأنت تمتلك المؤهلات والخبرة المهنية ذات العلاقة، كما أنك تتمتع بسمعةٍ طيبةٍ في علاقاتك مع رؤسائك ومرؤوسيك في ذات الوقت. توقف الزميل للحظات قال بعدها:
بصراحة أحسست بأن وراء هذا الإطراء موضوعاً يريد إيصاله إليّ. وهذا ما كان فعلاً فقد بدأ بمقدمة غير مهنية قائلاً بأن هناك نفرا من الموظفين وبالذات في إدارة يتحدثون عني سلباً ويقللون من كفاءتي، ويصفوني بالإداري الهاوي. وقبل أن يذكر أسماء وربما تفاصيل أخرى اتجهت نحو الباب فوراً وقلت له: تفضل انتهت المقابلة.
ما رأيك سيدي القارئ في موقف هذا الزميل؟ وهل خبرت موقفا مماثلا؟ ما تأثير مثل هذه الممارسات غير المهنية على أسلوب تعاملنا مع الآخرين؟