العدد 5815
الأحد 15 سبتمبر 2024
banner
الضرورة الملحة لإحياء تعددية الأطراف
الأحد 15 سبتمبر 2024

في هذا الزمن الذي يتسم بقضايا عالمية بأبعاد لم يسبق لها مثيل في التاريخ، من المهم أن نحيي فكرة التعاون الدولي في أقرب وقت ممكن. ولطالما أيدت فكرة تعددية الأطراف، التي تعتبر أساسية لتحقيق اقتصاد عالمي مستقر ولتعزيز النمو المستدام.
تشكل تعددية الأطراف حجر الزاوية للنظام العالمي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية لصالح الليبرالية والتقدم عبر الحدود والمناطق في جميع أنحاء العالم. وقد لعب هذا النهج دورا في دعم السلام والاستقرار، بينما عمل على تعزيز النمو الاقتصادي ومواجهة التحديات المشتركة مثل تغير المناخ والإرهاب. ولكن المسرح العالمي اليوم يعكس تحديا كبيرا للتعددية؛ بسبب زيادة المصالح الوطنية التي توجه الدول نحو السياسات الحمائية وتقليل التعاون العالمي الجماعي.
لقد كانت منظمات مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية في الطليعة وكانت تقود هذه المساعي. وقد كرست الأمم المتحدة جهودها لتعزيز بعثات حفظ السلام وتطوير الحقوق والتنمية عبر برامجها ومشروعاتها المتنوعة. وقد لعبت منظمة التجارة العالمية دورا حيويا في تعزيز التجارة وتسوية النزاعات بين الدول. ونظرا لكوني جزءا من هذه المنظمات، فقد أتيح لي قيادة وتعزيز تعددية الأطراف العالمية والتعاون العالمي؛ لاسيما عندما خدمت في لجنة منظمة التجارة العالمية المعنية بتحديد مستقبل التجارة وقيادتي للتحالف العالمي للأمم المتحدة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتنمية.
ويرتبط الاقتصاد العالمي ارتباطا وثيقا بالقضايا التي نواجهها، من حيث التفاوت الاقتصادي إلى التغيرات البيئية؛ ارتباطا يتجاوز الحدود الوطنية. ويمكننا التعامل مع هذه التحديات بشكل أفضل من خلال تعددية الأطراف، عبر تقاسم المسؤوليات والتعاون لمواجهة التحديات المشتركة.
توفر قمة الأمم المتحدة المقبلة بشأن المستقبل، التي من المقرر عقدها في سبتمبر 2024، فرصة لتعزيز التعاون بين الدول في جميع أنحاء العالم. ويتمثل هدفها في تعزيز السلام والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان، مع توفير منصة للدول لتأكيد التزامها بهذه الأهداف المشتركة.
وتشكل هذه الفعالية فرصة للمجتمع العالمي للتوحد لمواجهة القضايا العالمية ووضع أساس لإطار عالمي أقوى وأكثر تعاونا.
ومن أجل إحياء أنظمة وهياكل التعددية، يجب تعزيز الأنظمة الفعالة وإصلاح النظم والهياكل غير الفعالة. وهذا لا يتطلب إجراء تغييرات هيكلية فحسب، بل أيضا تجديد الالتزام بقيم التعاون العالمي والوحدة، حيث تشكل قمة الأمم المتحدة القادمة لحظة حاسمة لتعزيز الإجراءات الجماعية في جهود السلام، والتقدم المستدام، وقضايا حقوق الإنسان.
في هذه الحقبة من القرن المليئة بالتحديات، من الواضح أننا بحاجة إلى هيكل تعددي قوي ومتجدد يتيح لنا التعاون ضمن الأطر المتوافرة معالجة القضايا العاجلة وتشكيل عالم أكثر عدلا واستدامة للجميع. ومن الضروري أن نغتنم هذه الفرصة لتأكيد التزامنا بتعددية الأطراف والحفاظ على أهميتها كجانب أساسي من جوانب الحكم العالمي. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .