العدد 5794
الأحد 25 أغسطس 2024
إعادة النظر في الديمقراطية والرأسمالية
الأحد 25 أغسطس 2024

الديمقراطية الرأسمالية، التي كانت ذات يوم رمزًا للتقدم والثروة تجد نفسها اليوم عند مفترق طرق. لقد أدى سعيها الدؤوب للكسب إلى عواقب وخيمة، مثل الضرر البيئي وتفاقم الفجوات الاقتصادية. ما كان يُعد يومًا نظامًا يهدف لتمكين الجميع تحول إلى نظام يخدم الطبقة الخاصة بشكل أساسي. إن طبيعة الرأسمالية المدفوعة نحو الربح لها سلبياتها. فالكثير من الصناعات تعطي الأولوية للأرباح على حساب الاستدامة الطويلة الأجل، مما يؤدي إلى مشاكل مثل التلوث واستنزاف الموارد وتغير المناخ. وغالباً ما يتجاهل السعي وراء الربح رفاهية المجتمعات والبيئات.
تتحكم النخبة الثرية في الأمور الآن بينما يكافح الكثيرون لتلبية احتياجاتهم اليومية. وعلى الرغم من أن الرأسمالية لا تزال تعمل للأفراد، إلا أنه يبدو أنها بالكاد تحافظ على وجودها. هذه الحقيقة واضحة في أميركا اليوم، حيث يكافح المواطنون العاديون للعيش الكريم، ويتساءلون عن تدني مستوى معيشتهم مقارنة بالدول التي يرتكز ازدهارها على مساهماتهم الضريبية في الخارج. يجب تصحيح هذا التفاوت لبقاء الرأسمالية، بالإضافة إلى مساءلة الشركات، حتى يتمكن أولئك الذين يقدمون الحلول من جني المكافآت، بينما يواجه المسؤولون عن المشكلات العواقب.
 هذا التحول بين الرأسمالية ورفاهية المجتمع، يؤكد أهمية الغاية للحصول على الربح وتقديم القيمة للناس. وقد مثّل تفشي الجائحة مثالاً على هذا التحول، مما دفع الشركات إلى التكيف. حيث ازدهرت الشركات التي أولت اهتماماً للصحة ورفاهية المجتمع، مما أثبت أن الربح والغاية يمكن أن يتواجدا معاً بانسجام.
تحتاج المؤسسات الديمقراطية على مستوى العالم إلى إعادة تقييم استراتيجياتها بما يتجاوز السعي وراء أصوات الجمهور. من الضروري مراقبة وتنظيم مصالح المجموعات، والمجموعات ذات المصالح الخاصة، والشركات للحد من تأثيرها على السياسات الحكومية. بالإضافة إلى ذلك، يجب اتخاذ خطوات للحد من نفوذ عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي لتقليل تأثيرهم على الرأي العام. وهنا يجب أن تعود الديمقراطية إلى كونها أسلوب حكم “من الشعب، من قبل الشعب، ولأجل الشعب”، وليس مجرد عبد يخدم أسياد الشركات.
يبدو أن جيل الشباب قد خاب أمله في الديمقراطية ككل، ويفضل النشاط على المشاركة داخل الأوساط السياسية. إن إشراك الشباب أمر حيوي لضمان مستقبل الديمقراطية، مما يستدعي من السياسيين الاستماع إلى أصواتهم بانتباه وإفساح المجال الكافي لسماعها.
يمكن للديمقراطيات أن تزدهر إذا أعيد تشكيل الرأسمالية لدعم الفئات المهمشة وإعادة تنظيم المؤسسات الديمقراطية لخدمة الناس بشكل أفضل وليس الشركات فقط. فكل من الرأسمالية والديمقراطية تحتاج إلى إعادة تطوير لتفيد الجميع وليس نخبة مختارة، وإلا فإنني أرى أن هذين النظامين اللذين خدما العالم الحديث بشكل جيد سيكونان في خطر كبير في السنوات المقبلة.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .