طالما أننا نعيش التغيير بشكل مستمر مع عمود العالم المتغير، فإن التدرب على مهارة رصد التغيير وصوره المختلفة أمر مهم، لأنها السر في مواكبة العالم وكل ما يجري حوله، والمتعة التي يحصل عليها كل باحث وقارئ، وما أحوجنا في هذه اللحظة لأن يتصفح كل منا ألبومه الخاص الذي يوثق فيه صور مراحل حياته المتغيرة، وسيكون تأثير ذلك كما أعني تمامًا بشرط ألا نمر عليه مرورًا سريعًا، لأننا سنعيش حالة من التأمل والاستحضار وهي مرحلة تنشيط الذاكرة وتدوير الزمن، ولا مانع من العودة معه لاسترجاع الأشخاص والأماكن والمواقف عبر الخيال. ومن هنا، هل تتفقون معي أعزائي القراء بأن التغيير أساسًا يقوم على الواقع والقدرات والإمكانيات؟
كل هذا الهجوم اليوم على فئة فاقدة لذاتها ولم تعد إليها بسبب فقدان الربط الواقعي بين الشخص وذاته، فأستغرب ثم أستغرب صراحة ممن يعيش مراحل حياته بصورة منعزلة عن الأخرى ويصنع العداء لشخصه الذي مضى بحجة اختلاف اليوم عن الأمس، وهي قاعدة تقوم سلاما لمن يتبناها. فلا غرو في أن نعيش اليوم دون نسيان الأمس ليكون دافعًا لعطاء الغد، وأكثر ما يؤلم في ذلك عندما يتناسى شخص هذا الخط الزمني فيعيش طوال حياته على بركة الله - كما يقولون - ودون اجتهاد. وهل تتفقون أيضًا بأن هؤلاء الفاصلين عن كل شيء، هم خاسرون للمشاعر الصادقة؟ لأنهم يعتقدون أنهم ثروة يتكسب منها الآخرون ولا يمكنهم النجاح بدونهم، ولا يرون الوجه الآخر الذي يكشف لمن حولهم أنهم يتحينون الدخول في أية ثغرة لصناعة الفرص التي تبسط لهم وتعقد لغيرهم. هؤلاء حتمًا لن يحصلوا على الثغرة ولا على الفرصة، لأن شراعهم يبحر في المكان الخاطئ دائمًا، بسبب ابتعادهم عن الزمن الذي صنع منهم حياة شخص كان وصار. لذلك فإن مقال اليوم أعزائي القراء يهدينا عبرة لتكون لدينا قدرة.
*كاتبة وأكاديمية بحرينية