حاولت التعمق علميًا في مفهوم كلمة “الكابوس” بسبب كثرة تداول هذا المصطلح في مختلف وسائل الإعلام المسموعة منها والمرئية والمقروءة وحتى التقنية، فصار دارجًا في الكثير من التعبيرات الخاصة بمواقف الحياة بين مختلف الفئات العمرية، وبعد بحث مستفيض عن إجابة التساؤل الذي استفزني، وللتعرف على أصل هذا المصطلح، هل يعتبر الكابوس حلما أم واقعا؟
لقد جاء التفسير لدى البعض باعتباره حلمًا مزعجًا يرتبط بمشاعر سلبية مثل القلق والخوف وضغوط الحياة المعتادة، كما يفسره آخرون باعتباره مرضًا يحس فيه الإنسان عند دخوله في النوم من خلال الخيال الثقيل، وتستمر معه المشاعر حتى بعد الاستيقاظ. وجاءت بعض التحليلات التي تربط الكابوس الذي يراه بعض الأشخاص بنوعية الطعام الذي يتناولونه قبل النوم، ويقول عنه البعض إنه أحلام مفزعة مخيفة يراها النائم في منامه، فيستيقظ إثرها بشكل مزعج مع سرعة نبضات القلب، وبالنظر في تلك التفسيرات والتحليلات، لم أقتنع إلا بعد دخولي في عالم التفسيرات النفسية من الدائرة المجهولة التي توجد في حياة كل إنسان، وما يحصل في تلك الدائرة من اضطرابات تجعل من الكابوس سلسلة متصلة تبدأ من الواقع إلى حالة النوم التي يدخل فيها الإنسان، ويتم من خلالها تحفيز ذبذبات العقل بسبب ما يعاني منه الإنسان من ضغوطات واقعية، فتكون أشبه بحالة متصلة من التوترات، والتي تزول بزوال المؤثر، وتستمر طبعًا بمدى وجوده واتساعه. لذلك فإن الأشخاص المعرضين للإصابة بهوس الكابوس، يستطيعون إعادة برمجة حياتهم من خلال أساليب عدة، أهمها تقليص قطر الدائرة المجهولة التي تزول من خلال الانفتاح على الذات وتقبل الحوار معها بواقعية وتصديقها ومصادقتها في بعض الأحيان، بالإضافة إلى أهمية إعطاء الآخرين من الثقاة المساحة للتعبير والمشاركة في التوجيه نحو الطريق الأمثل، حتى يتوصلون فعليًا نحو الوقوف على الخط الاحترازي الذي يقيهم من تحول الواقع إلى كابوس من القلق والتوتر والضغط النفسي.
*كاتبة وأكاديمية بحرينية