لاهية عقولهم.. حديث لمن يعيشون خارج دائرة التركيز حول أمر مطروح للنقاش بين مجموعة يتبادلون حوله وجهات النظر، وقد آثرت في حديثي هنا اتهام “العقل” فيما يصيب الإنسان من شتات وتلاهي، وبصراحة لا هذا ولا ذاك ينطبق على المعنى الحقيقي المقصود، لأن الشتات أصبح محاصرًا للمرء من مختلف الجهات، فما من أمور تطرح للنقاش أو الجدال إلا لأنها فكت من خلال منصات التواصل الاجتماعي، فهي المعترك الافتراضي للرأي العام.. ونجد من خلال المطروح التعدد في وجهات النظر أيا كان الموضوع، فتنشأ عن ذلك أصول عدة للموضوع وآراء متضاربة.
هذا الأمر أعزائي القراء هو بداية لمحاربة التركيز، ما يسبب الشتات الفكري والعاطفي على حد سواء للمرء الذي ينجرف وراء الحصول على المعلومات باتباع ذاك الأسلوب، والسبب أنه قد يضع نفسه في دائرة تدور حول نفسها فيصاب بالغثيان تارة ودوار الرأس تارة أخرى، ومع مرور الوقت تتأزم عنده الأمور. ولأنه لا يعرف الأسباب، فيعتقد بوجود عرض صحي في أجزاء من جسمه ويضطر إلى تشخيص حالته بحجم ما يتعرض له من ضغط نفسي وتوتر وقلق، ومن هنا، جاء السبب بالتركيز على الصحة النفسية في مختلف المبادرات التنموية التي تستهدف تحسين جودة الحياة. إن الأسباب ليست مرتبطة بما حصل إلينا في فترة اشتداد أزمة كورونا كما ندعي عبر تناول تأثيراتها السلبية، بل إنها كانت الأزمة التي ساعدت في تسليط الضوء على العديد من القضايا لدورها في تفنيد الأمور وإعطاء كل ذي تخصص حقه في الأمر، ومع ذلك ضاعت بوصلة حياتنا، بسبب تلك التعقيدات التي أفرزتها الصورة واللغة المستخدمة في منصات التواصل الاجتماعي، لذلك حاول الكثيرون هجران هذه المنصات بأنواعها لكي يحموا أنفسهم من الشتات والضياع.. هذا ما يحصل لنا فعليًا في كل أمر، قلوبنا لاهية.. وعقولنا في شتات.. والله المستعان.
* كاتبة وأكاديمية بحرينية