قد يتعلق الإنسان بحبل واحد لا آخر له طوال حياته ويرى فيه الأمل الذي يساعده في تحقيق ما يريد بكل يسر وأمان، كلما واصل التشبث به سعيًا للوصول للحظة المرتقبة التي يريد، بهتت معه كل الألوان والتعابير، خوفًا من انقطاع الحبل في أية لحظة تسبق لحظة الوصول ذاتها. فعليًا، لا عيب في ذلك ولا خلل طالما أن الإنسان يفكر، ويخطط، ويجرب، يصيب ويخطئ، يكسب ويخسر.. من هنا تكتسب “الخبرة”، وتتجلى عملية التدريب الذاتي التي يجب أن تكون حاضرة بوعي وإدراك تام، على أسس التفكير المنطقي والعمل على تعزيزه بالمحفزات من الذات إلى الذات بشكل مستمر ومتكرر حتى يصل إلى محاصرة الذات نفسها بأصول الأفكار، والتي تتنامى بمجرد ولادتها، وتعيش حاضرة في كل مناحي حياة الإنسان وفقًا للترتيب الزماني والمكاني، حتى تتحقق وفقًا للإمكانيات والمساحة المتاحة.
ومن رؤية خاصة حول الأمر، فإنني أرى أن الله سبحانه وتعالى أودع فينا نحن البشر أحد الأسرار التي لا يمكن للمبدع أن يكون مبدعًا دون استثمارها في تنشيط مستوى الاتصال بين الفكر والعالم الخارجي، عبر تكنيكات تتفاوت من شخص لآخر، حسب طريقة التعامل معها وأساليب توظيفها. فعليًا، أراني اليوم مع موضوع شائك بسبب الأفكار المتوافدة لدي، والصور العديدة لنماذج ما إن أمسكت بالحبل ذاته حتى تركته قاصدة غيرها لإمساكه واستكمال مسيرها نيابة عنها، فلا صبر لديها ولا تأن، ولا تكتفي بهذا الحد، بل تصدر ضجيجًا وتشويشًا في كل صوب جراء ما يصيبها من حيرة وتشتت. لكن الجميل أنها في النهاية أصابت مبتغاها، وعندها أدركت أن الأمر ليس صعبًا، لذلك لا أرى صعوبة في أن يحقق الإنسان ما يريد ويرغب طالما أنه جاء متوازنًا مع الظرف والمكان والزمان، ولا مشكلة في أن تطول مدة الانتظار، فالأهم من ذلك كله تحديد المسار وتوافق الذات في تعزيز مهارات العقل على طرق التفكير العملية في رسم الخطوات وفقًا لما هو متوافر من معطيات وأدوات، فالأمر ليس صعبًا.
* كاتبة وأكاديمية بحرينية