العدد 5805
الخميس 05 سبتمبر 2024
banner
جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعقد لقاءها السنوي في العاصمة الرياض
الخميس 05 سبتمبر 2024

بدعوة كريمة من جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، شارك بعض من أعضاء الجمعية فرع مملكة البحرين، برئاسة الأستاذ د. علي منصور آل شهاب عضو مجلس إدارة الجمعية، في فعاليات الملتقى العلمي الثالث والعشرين للجمعية، المقام بالعاصمة الرياض يومي الأربعاء والخميس 24 و25 صفر 1446 هـ، الموافق 28 و29 أغسطس 2024 بفندق الفورسيزون مجمع المملكة بالرياض، في ضيافة هيئة التراث وبالتعاون مع دارة الملك عبدالعزيز.
وشارك أكثر من 200 باحث ومهتم في مجالات التاريخ والآثار بالملتقى، الذي يهدف إلى تعزيز وتطوير الفكر العلمي في مجال تخصص الجمعية وتمكين المختصين والمهتمين بتلك المجالات في الإسهام بدفع عجلة البحث العلمي، وإبراز الإسهامات التي قدمها أبناء دول المجلس في مجال الآثار والتراث والتاريخ وتفعيل التعاون بينهم، إضافة إلى إبراز وتيسير التبادل الثقافي للإنتاج العلمي ومناقشة تاريخ وتراث وأثار الدول الخليجية عبر العصور، لتعزيز الوعي الثقافي وتسليط الضوء على جهود الإنسان الخليجي في الحفاظ على التراث من خلال الهيئات المختصة، ومنها جهود هيئة التراث ودارة الملك عبدالعزيز في الحفاظ على آثار المملكة العربية السعودية. 
وأكد الرئيس التنفيذي لدارة الملك عبدالعزيز الأستاذ تركي بن محمد الشويعر في كلمته الافتتاحية، أن الملتقى يعد مثالا حيا على ما ينادي به المفكرون والمخططون التربويون من أهمية العلوم البينية في تأهيل الإنسان، وبناء فكره، وتمكينه من خدمة مجتمعه من وجوه كثيرة، وقال: “لا أفضل ولا أقرب من أن يلتقي المؤرخون والآثاريون، فالتاريخ والآثار وجهان لعملة واحدة، وكلاهما مكملان لبعضهما بعضا، فالأول يؤرخ للإنسان وزمانه، والثاني يزيح الستار عن موروثه الحضاري والتراثي، وعن أسلوب حياته ومعاشه ومسكنه وأدواته التي استخدمها”.
وكما أكد رئيس الجمعية الأستاذ يوسف إبراهيم العبدالله، وأمينها العام الأستاذ د. أحمد بن عمر الزيلعي، أن الجمعية أسهمت في دعم الجهود العلمية في مجالي التاريخ والآثار في المنطقة، ما انعكس بشكل إيجابي على مخرجاتها، ومن المتوقع أن يسهم في إثراء الملتقى بما يتضمنه من أوراق بحثية وعلمية قيمة، وقد أشاد الرئيس التنفيذي لهيئة التراث د. جاسر بن سليمان الحربش، بجهود الجمعية في خدمة المهتمين بالتاريخ والآثار في دول الخليج، مشيرا إلى النجاحات التي حققتها هيئة التراث في المملكة العربية السعودية، خصوصا فيما يتعلق بتسجيل آثار المملكة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، مثل: الفاو، وحي الطريف في الدرعية.
وأثناء الملتقى، تم الإعلان عن أسماء المكرمين، وهم: الرئيس التنفيذي لدارة الملك عبدالعزيز والرئيس التنفيذي لهيئة التراث والأمين العام لجمعية التاريخ والآثار الخليجية والمدير العام للآثار في هيئة التراث د. عبدالله الزهراني.
وقدمت في اليوم الأول للملتقى أوراق علمية موزعة على جلسات نقاشية، تناولت محاور عدة تتعلق بتاريخ دول المجلس وإرثها الثقافي منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى العصور الإسلامية، كما تطرقت إلى تاريخ العصور الحديثة والمعاصرة في منطقة الخليج، ومناقشة أبرز القضايا المتعلقة بتاريخ شبه الجزيرة العربية، وتضمن الملتقى في يومه الثاني 3 جلسات ناقش المتحدثون فيها 11 ورقة علمية تناولت جوانبا من التاريخ الحديث والمعاصر لدول المجلس وإرثها الثقافي والمعرفي، فيما خصصت الجلسة الأولى للاجتماع الخاص بأعضاء اللجنة العمومية.
وشاركت من مملكة البحرين الأستاذة أسماء خالد عبدالله سلمان، اختصاصية مناهج التاريخ بوزارة التربية والتعليم ببحث عن اللباس والزينة في مجتمع شرقي الجزيرة العربية في العصر العباسي (132 - 656 هـ/‏‏‏‏‏‏‏‏ 750 - 1258 م) وقام الأستاذ د. علي منصور آل شهاب بتكريم المشاركين بالبحوث العلمية.
وفي ختام فعاليات الملتقى، أوصى المشاركون، بأهمية تعزيز وتكثيف التواصل بين الأفراد المتخصصين في مجال التاريخ والآثار بدول المجلس، وإبراز الدور الحضاري والثقافي في تجسيد أواصر التعاون الخليجي، عبر تفعيل مختلف أوجه الأنشطة الثقافية، إلى جانب إبراز الدور الثقافي الذي يعنى بالتاريخ والآثار عبر عقد شراكات إقليمية ودولية بين المراكز المعنية، حاثين على الإعداد لمستهدفات نسخة الملتقى الـ 24، بإحدى دول المجلس في العام المقبل.
وتزامن مع الملتقى، أقيمت فعاليات أخرى، منها: معرض مصاحب لبعض الآثار وزيارة حي الطريف التاريخي بالدرعية، الذي احتوى على مقتنيات عديدة ومنها السيف الأجرب الذي مكث في مملكة البحرين نحو 140 عاما، وقام حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، بإهدائه إلى أخيه المغفور له بإذن الله تعالى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، أثناء زيارته الرسمية إلى مملكة البحرين في 18 أبريل 2010 كما قلده مجموعة من أغلى الأوسمة البحرينية، ما يدل على عمق علاقات الأخوة والصداقة والمحبة الحميمة بين حكام البلدين الشقيقين، حيث اقترن السيف الأجرب بالمغفور له بإذن الله تعالى الإمام تركي بن عبدالله، المشهور بشجاعته ورجاحة العقل، وهو مؤسس الدولة السعودية الثانية وكانت نشأتها في العام 1824 هـ، واستمرت لـ 67 عاما، والسيف الموجود أسفل عبارة التوحيد في العلم السعودي هو دلالة على السيف الأجرب، وتزامن مع الزيارة حفل عشاء تخلله عرض باهر عن أحداث تاريخية عرضت على جدار قصر الدرعية بالصوت والصورة، وإضاءتها بأساليب متعددة؛ لتبرز القيمة التراثية للحي وتلك الفترة الزمنية، ما ساهم في تفاعل الحضور ونقلهم لتلك الفترة الزمانية، وكأنهم موجودون معهم. 
وتم تطوير حي الطريف، ضمن برنامج شامل لتطوير الدرعية التاريخية، بهدف إعمارها وتحويلها إلى مركز ثقافي سياحي على المستوى الوطني، ووضعها في مصاف المدن التراثية العالمية، وقد رعى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفل الافتتاح في 9 ديسمبر 2018، بحضور قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويعد حي الطريف التاريخي من أهم معالم الدرعية الأثرية؛ لاحتضانه أهم المباني الأثرية والقصور والمعالم التاريخية، حيث ضم معظم المباني الإدارية في عهد الدولة السعودية الأولى، كقصر سلوى الذي تم إنشاؤه أواخر القرن الثاني عشر الهجري، وكانت تدار منه شؤون الدولة السعودية الأولى، وكذلك جامع الإمام محمد بن سعود، وقصر سعد بن سعود، وقصر ناصر بن سعود، وقصر الضيافة التقليدي الذي يحتوي على حمام طريف، ويحيط بحي الطريف سور كبير وأبراج كانت تستخدم لأغراض المراقبة والدفاع عن المدينة، وتمت موافقة لجنة التراث العالمي على تسجيل حي الطريف في قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو. 
وتعد استضافة مدينة الرياض لهذا الملتقى العلمي تأكيدا لدور المملكة العربية السعودية الريادي، في دعم وتعزيز البحث العلمي في مجالات التراث والتاريخ على مستوى دول الخليج، وترسيخا لأهمية التعاون المشترك في الحفاظ على التراث التاريخي والثقافي للمنطقة.
وأسست الجمعية قبل 28 عاما، وتضم في عضويتها أكثر من 700 عضو من المشتغلين بالتاريخ والآثار والتراث في الجامعات وهيئات الآثار الخليجية ومن مختلف المؤسسات الأكاديمية والعامة والخاصة في دول المجلس، وتسعى عبر نشاطاتها إلى إعداد الدراسات والبحوث التاريخية والآثارية ونشرها وتبادلها مع الهيئات المعنية، إلى جانب عقد المؤتمرات والندوات العلمية والفعاليات، فضلا عن إصدار النشرات والدوريات المحكمة والكتب المتخصصة، التي تبحث في تاريخ وآثار دول المجلس، ومقرها في دارة الملك عبدالعزيز، وقد صدرت توصية من الندوة التي أقيمت في الكويت بعنوان “الدراسات التاريخية في الجامعات العربية”، بشأن تأسيس جمعية علمية تعنى بالتاريخ والآثار في دول المجلس، فشكلت لجنة تمثل جميع دول المجلس وسميت “جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية”، وتم الإعلان عن أهدافها، ولكن الجمعية مرت بمراحل عديدة منذ تأسيسها، فقد كانت بدايتها في 15 مارس 1995م، بإقامة قسم التاريخ بجامعة الكويت ندوة عن الدراسات التاريخية في الجامعات الخليجية، وحضر هذه الندوة عدد لا بأس به من أعضاء هيئة التدريس المتخصصين في التاريخ والآثار من جامعات المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والبحرين وعمان والامارات العربية المتحدة، وكان من أهم توصيات هذه الندوة تأسيس جمعية علمية تعنى بالتاريخ والآثار بدول مجلس التعاون الخليجية، وعلى هذا الأساس شكلت لجنة تمثل جميع دول مجلس التعاون الست بواقع شخص واحد عن كل دولة منها، وذلك لوضع اللائحة وخطة العمل للجمعية التي تم الاتفاق على تسميتها “جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون الخليجية”.
وكتب للأمانة العامة لمجلس التعاون بذلك، ولقيت الفكرة التأييد والترحيب من خلال الخطاب الموجه من الأمين العام للمجلس الموجه إلى رئيس اللجنة التأسيسية الأستاذ د. عبدالمالك التميمي عضو هيئة التدريس بقسم التاريخ بجامعة الكويت، كما حصلت الجمعية على تأييد ومباركة الجامعات الخليجية والمؤسسات العلمية المعنية بالتاريخ والآثار في المنطقة، وكذلك من قادة دول المجلس الكرام.
وعقد الاجتماع الأول للجمعية بمدينة دبي بدولة الامارات العربية المتحدة في 22 محرم 1418 هـ الموافق 29 مايو 1997م، وعقد في الاجتماع 4 جلسات نوقشت فيها موضوعات عديدة، وكان اللقاء الثاني للجمعية في مدينة دبي في الفترة من 20 إلى 22 ذي الحجة 1419هـ الموافق 6 - 8 أبريل 1999م وحضر اللقاء معظم أعضاء الجمعية من جامعات الكويت والمملكة العربية السعودية وقطر وعمان والبحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة، وعقد في هذا اللقاء العلمي 5 جلسات طرحت فيها مجموعة من البحوث التاريخية والآثارية ذات العلاقة الوثيقة بتاريخ وآثار دول المجلس، ونوقشت البحوث نقاشا علميا جادا نافعا، كما قامت دارة الملك عبدالعزيز مشكورة باستضافتها مقر الجمعية، وقدمت كل أوجه الدعم والمساندة، خصوصا طباعة الدوريات والمجلات العلمية. 
وقام الأستاذ د. علي منصور آل شهاب بجهد ملموس للجمعية، حيث قامت مملكة البحرين مشكورة باستضافة الملتقى 6 مرات بالسنوات 2006، ‏‏‏‏‏‏2007، ‏‏‏‏‏‏2010، ‏‏‏‏‏‏2015، ‏‏‏‏‏‏2016، و‏‏‏‏‏‏2022 وكان آخرها، الملتقى العلمي الـ 21 على مدى يومين، ونظمته الجمعية بالشراكة مع مركز عيسى الثقافي، وأصدر المشاركون بيانا ختاميا للملتقى، الذي حضره نحو 180 مؤرخا وعالم آثار وباحثا أكاديميا من مختلف دول مجلس التعاون، حيث رفع المتحدثون والمشاركون أبلغ عبارات الشكر والامتنان والثناء لمقام حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء حفظة الله ورعاه، للاهتمام الكبير الذي يوليانه لقطاعي البحوث وعلوم التاريخ والآثار، كما تقدم المشاركون ببالغ الشكر لجميع شركاء وداعمي الملتقى، وقدم المشاركون عددا من التوصيات المهمة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية