شهد الشرق الأوسط أربع حروب عسكرية نظامية مع إسرائيل، 1948 و1956 و1967 و1973؛ جراء احتلال الأخيرة فلسطين، واضطرت ست دول عربية إلى خوضها بتفويض ومساندة من شعوبها، وشاركت في حرب 48 كل من: مصر وسوريا والعراق ولبنان والسعودية والأردن، وذلك نصرة لأشقائهم الفلسطينيين. وقبيل حرب 73 أرسلت دول عربية، من بينها الكويت، فرقاً عسكرية إلى مصر، فيما توافقت دول النفط على قطعه عن الغرب. وعلى النقيض من هذه المواقف المشرفة أخذت تطفح على السطح منذ سنوات قليلة ومازالت مستمرة إلى يومنا ظاهرة التنمر ضد الشعب الفلسطيني برمته، وهي ظاهرة غريبة لم تكن معروفة منذ نكبة 48، لا بل ما هو مدعاة للدهشة والألم أنها أخذت أشكالاً من الشتائم البذيئة تصل إلى حد العنصرية على الهوية، ثم ازدادت بشكل ملحوظ في “السوشال ميديا” وبعض الصحف العربية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر الماضي بكل بشائعه التي تقشعر لها الأبدان، والتي هزت العالم بأسره هزاً ودفعت الشعوب الغربية للتعاطف مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، فضلاً عن إدانة المنظمات الدولية، وعلى رأسها محكمة العدل الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، لجرائم حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال، والتي يندى لها جبين البشرية بكل ما للكلمة من معنى، فكأنما لا يكفي هذا الشعب ما تجرعه من محن وأهوال منذ النكبة، والتي أشدها المحنة الراهنة ليصب عليهم بعض “العرب” نيران الكراهية التي لا تزيدهم وحدهم جروحاً نفسية غائرة فحسب، بل ومعهم في ذلك مئات الملايين من العرب الذين يناصرون قضية أشقائهم الفلسطينيين، وقد قدموا – العرب - التضحيات من أجلها منذ ما قبل النكبة.
ليس عيباً أن تُوجه انتقادات ضد القيادات الفلسطينية لتكرار أخطائها التي وقعت فيها، وهي انتقادات وجهها الفلسطينيون والعرب على السواء، لكن ثمة خيط رفيع بين الانتقاد - مهما بدا قاسياً - وبين التنمر. إن الآمال لتحدونا بقوة لوضع حد لتلك الظاهرة الدميمة، خصوصا أنها تنطلق من دول عربية محدودة ويمكن محاسبة أصحابها قانونياً، لكي لا تُحسب تلك الأصوات الناشزة على مواقفها.
* كاتب بحريني