نحن أمة لها حضارتها العريقة، وقيمتها المستمدة من جلال صانعها، ولها تاريخها وأمجادها القائمة على هذه القيم، وأكثر ما يحيرني هو إصرار بعض أبناء جيل اليوم على إصدار كتبهم في مختلف الميادين، باللغة الإنجليزية، والتحدث في حفل التدشين مع وسائل الإعلام بنفس اللغة، وكأن اللغة العربية موجودة على السطح الظاهري في حياتهم، واللغة الإنجليزية تحولت إلى مخلوق ضخم يفزع الناس ويهدد بإحراق العالم كله.
من القواعد العامة أن كل نظام له شخصيته يرفض أي دخيل عليه من أنظمة أخرى، بمعنى.. نحن نتحدث اللغة الإنجليزية ولا أحد ينكر عالميتها وشعبيتها وكل المجالات التي وصلت إليها، لكن من الجحود للغة العربية أن نهملها إلى هذه الدرجة، ونبعدها عن المناخ المناسب الذي نزرع فيه إبداعنا، فأنا عربي ومطالب بأن أحافظ على عرض لغتي، وأسعد المجتمعات هي تلك التي يحافظ فيها الناس على لغتهم وتراثهم ويعتزون بلسانهم، فبأي عقل وبأي ضمير نتقبل ما نشاهده اليوم من تنكر واضح للغة العربية ومعاملتها بقسوة النسيان والاندثار عند – البعض - الذي يعتقد أنه إذا أصدر كتابا باللغة الإنجليزية سيكون الأذكى والأقدر والمتعلم، وغيره غير متعلمين ومتخلفون.
وفق هذه الأسباب تحولت لغتنا العربية الجميلة بكل آسف إلى سلعة معروضة في “الفترينات”، ولا أعتقد أن إنسانا عنده شيء من العقل والحكمة يطلب منا أن نقر ونشجع الشباب والناشئة على إصدار كتبهم باللغة الإنجليزية، ونسمي ذلك التمدن والتحضر. والله ثم والله، سمعت أحدهم وهو معروف بطلاقة الأفكار والنشاط الإبداعي يقول لصديقه بما معناه في إحدى الندوات الثقافية “اكتب وتحدث باللغة الإنجليزية ستحصل على أكبر تقدير من المجتمع”، ولسنا بحاجة إلى شرح السير في هذا الاتجاه.
“ملاحظة”.. هذا قد يكون رابع أو خامس مقال أكتبه عن هذه المشكلة أو المرض.
*كاتب بحريني