العدد 5775
الثلاثاء 06 أغسطس 2024
الأصالة ضاعت في متاهات ومسارب الحياة الاستهلاكية
الثلاثاء 06 أغسطس 2024

في بعض الأحيان تهزك ككاتب تفاصيل صغيرة لا تخطر على البال، تسمعها من رجل الشارع العادي فيجعلك لا تعرف ما فيك من نقاط ضعف أو نقاط قوة، وتمر في حالة أشبه باهتزاز الإحساس.

اعتدت أن التقي أحد جيران “بيوت الحطب” كما نطلق عليهم في مدينة عيسى عند “البرادة” بشكل متقطع، وهذا الرجل يعشق المطرب الهندي الراحل الشهير محمد رفيع الذي غنى لمعظم الأفلام الهندية، وبينما كنا نتبادل الحديث عن الموسيقى والفنون، قال جملة عابرة، لكنها رسمت أمامي بحيرات من الأسئلة، وجملته هي: “يا أخي اليوم لا نجد عملا فنيا باهرا يرقى إلى مستوى الأحداث الكبرى التي نعيشها، هناك نوع من الانفصام قائم بيننا وبين أدباء وكتاب وفناني هذا الزمن”. وسكت، ثم افترقنا!

السؤال الذي قد تطرحه شرائح كبيرة وأوساط واسعة من القراء اليوم ونحن.. لا نعلم إلى أي مدى يواكب الأدب والفن متغيرات الواقع ومدى قدرته على التفاعل مع الأحداث التي نعيشها حاليا. وبعبارة أخرى قد يسأل هذا القارئ.. لماذا لا يجد عملا فنيا باهرا يرقى إلى مستوى تلك الأعمال الخالدة التي عرفتها الساحة العربية، رغم تواضع الإمكانيات آنذاك؟ لماذا لا تصمد أية قصيدة حديثة واحدة طويلا من مئات الدواوين التي تغص بها المكتبة العربية، ولا يقف عمل روائي أو مسرحي شامخا كشموخ الأعمال القديمة بتسمياتها الكبيرة. لمن نكتب ولمن يرسم أولئك التشكيليون لوحاتهم، ولمن يمثل المسرحيون؟

الذي أعرفه أن الأجيال القارئة والمحبة للاطلاع انتهت، وأن الأصالة ضاعت في متاهات ومسارب الحياة الاستهلاكية، وأن المبدعين في زمننا أصبحوا أصواتا منفردة، والبقية مستواهم بين العلو والدنو، والجودة – جودة العمل - تبكي في صمت طوال الليل وتعد أخشاب السقف.

* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .