“مأجورين” كلمة تُلازم التحية عند أهل البحرين في أيام الحِداد على سبط النبي الأكرم (ص) الإمام الحسين بن علي عليه السلام، وتعني الدعاء بأن ينال من يُشارك ويحيي العزاء الأجر الكثير والثواب الجزيل من الله تعالى نظير عمله الصالح بمواساته وحزنه واستذكاره مُصاب سيد شباب أهل الجنة والثلّة الطيّبة من أهل بيته وأنصاره.
بدأ العام الهجري الجديد 1446 بتوجيهٍ ملكيٍ سامٍ للجهات المختصّة بتهيئة كل سُبُل النجاح وتوفير المقوّمات اللازمة لإنجاح موسم عاشوراء بعد كلمةٍ حكيمةٍ في أبعادها تشخّص الحال قال فيها جلالته إنّ “البحرين للبحرينيين جميعًا، وإنّ وحدتهم وترابطهم كأسرةٍ واحدة مصدر مِنعتنا وافتخارنا واعتزازنا”. أعقب ذلك اللقاء السنوي لمعالي وزير الداخلية مع أعضاء هيئة المواكب الحسينية ورؤساء ومسؤولي المآتم بالمحافظات بحضور رئيس الأمن العام والمحافظين، والذي نقل فيه تحايا جلالة الملك وسمو ولي العهد وتقديرهما لكل ما يُبذل من جهود طيّبة ومشكورة لتنظيم إحياء الشعائر الحسينية وصولاً إلى موسم عاشوراء آمن تتحقق فيه كل مقومات السلامة العامة. شكّل ذلك التوجيه الملكي والاجتماع التنسيقي السنوي انطلاقة لعمل دؤوب تضافرت فيه الجهود الرسميّة عبر تسخير مؤسسات الدولة ذات الاختصاص مع الجهود الأهليّة لخدمة المعزّين وبتنظيم عالي المستوى نفخر به ويغبطنا عليه الجميع، وتوزيع العادة الملكيّة السنوية على الجمعيات الخيرية والمآتم الحسينية، وتنظيم حركة المرور عبر تهيئة الطرق العامة للمواكب، وجولات ميدانيّة لترتيب المديريات الأمنية لتأمين الموسم، ومستشفيات ميدانية وفريق إسعاف متكامل في العاصمة والمحرّق ومناطق العزاء المركزي، وبمساهمة نوعيّة للقطاع الخاص للتأمين الصحي ومباشرة أيّ طارئ، وجهود تنظيمية ولوجستية من الأوقاف الجعفريّة مع توفير شبكة مواصلات ونقل مجاني للمعزين من 6 نقاط مختلفة إلى العاصمة، وتوجيهات من العُلماء والخطباء تحثّ الجميع على الالتزام بالضوابط الشرعيّة وبما يراعي القوانين والأعراف البحرينية.
وهذا ما كان إذ مرّ موسمنا الحُسيني كما رسمه التلاحم الرسمي والأهلي في شراكة مجتمعيّة تطبيقية وبصورة بحرينية خالصة تتميّز بخصوصيّتها وشارك الجميع في إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام كُلٌ من موقعه في يُسرٍ وأمن وطمأنينة.
تُوّجت تلك الجهود وكما بدأت بإشادة ملكية بالجهود الحكومية التي اتسمت بأعلى مستويات الانضباط والتنظيم لتبقى عاشوراء البحرين بخصوصيّتها أبرز أركان الحريات الدينية والتعدّدية المذهبية في البحرين.
وكما هي سيرة الآباء والأجداد ستبقى هذه الشعلة النيّرة أمانة نُسلّمها لأبنائنا وأحفادنا حرصًا على خصوصيتنا البحرينية التي نتفرّد بتفاصيلها في إحيائنا مصابنا لذكرى استشهاد سيدنا الإمام الحسين بن علي عليه السلام ومأجورين جميعاً.
كاتب بحريني