عندما تقرأ مسرحيات الكاتب الإنجليزي كريستوفر فراي الذي رحل عن عالمنا في عام 2005، تجد فيها الانشغال بهموم الإنسان ومشاكله إلى حد بعيد، والحلم بالطفولة الدائمة والصدق والنقاء والصفاء، ولعله من بين الكتاب القلائل الذين عبروا بصدق ووضوح عن الحروب والدمار والصراعات التي تعطي البشرية التوابيت والأكفان.

تناولت مسرحياته دور الإنسان كفرد وعضو في جماعة إزاء مجتمع مزقته حربان عالميتان، ومازال يعيش تحت ظل أسود كئيب قد يسفر عن حرب ثالثة طاحنة، مصير الإنسانية فيها معلق بنسيج أوهى من خيط العنكبوت. إن حياتنا اليوم كما يرى كريستوفر فراي إجابة على سؤال كبير يوجهه إلينا الملايين ممن ماتوا في الحربين العالميتين من أجل الحرية والعدالة والسلام. هل متنا عبثا؟ وفي كل يوم تستشهد المثل ويسود قانون الغاب، فيتعذب الشيخ الهرم ويداس الأطفال وتضيع الحقوق.

لقد جند كريستوفر فراي في الحرب العالمية الثانية وشهد التدمير الشامل والتنكر للإنسانية، وهو يتساءل في مسرحياته عن السبب الذي من أجله يسارع الناس بالمئات في وقت السلم لنجدة إنسان مشرف على الغرق أو سفينة ترسل إشارة استغاثة. لماذا يصفق نصف العالم في وقت الحرب للنار التي ترعى في الجانب الآخر، للمجازر البشرية التي يروح ضحيتها الملايين، للتدمير الشامل الذي يحيق بالمدن.

أي عالم مجنون هذا الذي نعيش فيه كما لو كنا على حافة بركان، وأي ضمان أو استقرار يمكن أن يتهيأ للإنسان اليوم بينما البركان يمكن أن يثور نتيجة رصاصة طائشة قد تنطلق في مكان يبعد عنا ملايين الأميال، أو تصريح متطرف قد يقدم عليه رجل مسؤول وهو في الواقع أحمق ومجنون، وإن الخير أعزل وهش ورقيق، فكيف له أن يجابه جحافل الشر التي تكتسب قوة يوما بعد يوم.

توفي كريستوفر فراي قبل 19 عاما وما قاله في مسرحياته يجري في عالمنا اليوم بالشعارات والهتافات والأحاديث.

كاتب بحريني