العدد 5624
الجمعة 08 مارس 2024
banner
الأنظمة القانونية والأخلاقية للذكاء الاصطناعي
الجمعة 08 مارس 2024

الحاجة للتقنية الحديثة ومخرجاتها، أصبحت ماسة وضرورية جدا في جميع مناحي حياتنا اليومية وفي جميع الأوقات والحالات. نحتاج للتقنية الحديثة في أعمالنا ودراستنا وترفيهنا وتواصلنا الاجتماعي اليومي مع الجميع وغيره وهي أصبحت أداة التواصل الرئيسية بين الجميع والأدوات الأخرى صارت جزء من التاريخ.
واستخدامنا للتقنية ومخرجاتها، وكما هو واضح، نقلنا الى مرحلة عالية من التطور والتقدم في شتى المجالات. والدليل القاطع أننا نستطيع أن ننجز ما نتطلع إليه وفي حالات عديدة في لمح البصر وبدون معاناة، ويا سبحان الله.  وكل هذا الإنجاز يتم بكبس زر الجهاز الإلكتروني أمامك أو التلفون في يدك. وكل هذا ما كان من الممكن أن يتم لولا التقنية الحديثة التي نقلتنا لعصر التقنية وعالمها.
ولقد تطورت التقنية بفضل الجهود العظيمة التي ظل يقوم بها رواد التقنية والأعمال والبحوث المتواصلة، وفي كل صباح نكتشف أنه تم نقلنا لعالم جديد بمواصفات تقنية جديدة بفضل إبداع تقني جديد. وهكذا الإنسان، بما حباه الله من عقل وفكر لا يهدأ باله ويتطلع للأمام، حيث بدأ من العصر الحجري وظل في تطور دائم حتى وصلنا وهبطنا في عصر التقنية الحديثة بكل ما تحمل من مواصفات متطورة حديثة الحداثة. 
وفي هذا الخضم المتسارع، وصلنا إلى عالم الذكاء الاصطناعي “أرتفيشيال انتلجنس” حيث يتم استخدام الآلة وبرمجتها  لتقوم، وبقدر الإمكان، بما يقوم به الإنسان بذكائه الفطري. وهذا بالطبع يعتبر تطور كبير في عالم التقنية التي لا تعرف الحدود وتملأ كل الأثير. وربما يكون هذا هو الناتج الطبيعي لتطور التقنية الذي بدأ وهو يعمل للوصول الي ما لا نهاية “وما أوتيتم من العلم الى قليلا”. وقصة سيدنا سليمان مع الجن المذكورة في القرآن الكريم تعطينا درس إلهي في هذا المجال.
إن إحلال الآلة مكان الإنسان في تنفيذ بعض المهام له فوائد عديدة لا تحصى ولكنه أيضا لا يخلو من المخاطر العديدة للإنسان نفسه لأن البرمجة لا تتمكن من العمل إلا وفق برمجتها، وهنا مكمن الخطر. وعليه، من المخاطر أن تسيطر الآلة على الإنسان وتخرج عن طوعه، والطبيعي هو العكس وأن يسيطر الإنسان على الآلة الخرساء الصماء التي قد تقضي على الأخضر واليابس لانعدام الذكاء الإنساني الطبيعي الذي يتصرف بطبيعته حسب الحاجة.

لسنا هنا، لتحديد المهام التي تقوم بها الآلة نيابة عن الإنسان، ولكن نريد أن نلفت النظر إلى مخاطر هذه المهام التي تتم عبر الذكاء الاصطناعي وليس الذكاء الطبيعي الذي حبانا به الله جل جلاله.
ومن هنا ظهرت ضرورة تقنين الذكاء الاصطناعي والأعمال الناتجة عنه حتى لا يقع الفأس في الرأس ولا نستطيع الحراك لإنقاذ أنفسنا أو إنقاذ ما حولنا. ومن الضروري أن يشمل هذا التقنين، تعريف الذكاء الاصطناعي وتحديد كنهه ومجالات أعماله وحدود هذه الأعمال وكيفية الإشراف عليها والتحكم فيها عند الضرورة، وكذلك تحديد الجهات المخولة بالتعامل مع الذكاء الاصطناعي ومؤهلاتهم وخبراتهم. ومن هذا، يتم قفل الباب أمام كل شخص لا يجوز له التعامل بالذكاء الاصطناعي، وفي هذا حماية للنظام العام والأمن القومي وكل أفراد المجتمع. ولا يفوتنا هنا، ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة حول الذكاء الاصطناعي، قبل أشهر، حيث قال إن الذكاء الاصطناعي أخطر على البشرية من القنبلة الذرية التي تقضي على كل معالم الحياة. ونادى وشدد على ضرورة وضع التشريعات القانونية والضوابط الأخلاقية للجم فورة “الذكاء الاصطناعي” وإلا الموت والدمار ونهاية الإنسان.
والقانون بالطبع يقتضي التنظيم والإشراف مع فرض العقوبات على من يخالف القانون، ومن أمن العقوبة أساء الأدب، ونظرا لحساسية الموضوع نرى أن تكون العقوبات رادعة بحيث يرتعد منها الجميع ويبتعد عن هذا الجرم الخطير. وبهذا نكون لجمنا الإنسان غير المتخصص ووجهناه بالابتعاد عن هذه الأعمال، اللهم، إلا لمن يجوز له ذلك وفق القانون والأنظمة الأخلاقية الصادرة من الجهات المختصة. ولنبدأ.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية