العدد 5591
الأحد 04 فبراير 2024
banner
واشنطن وبكين.. ذروة المعركة من أجل الهيمنة التكنولوجية
الأحد 04 فبراير 2024

يبدو أن العلاقة بين الولايات المتحدة والصين تقترب من منعطف حرج، والحقيقة أن المواجهة بين البلدين تتجاوز النزاعات التجارية، وتتطور إلى صراع حقيقي من أجل تشكيل المستقبل، إذ يؤكد كل جانب ادعاءه بأنه القوة الاقتصادية العظمى المهيمنة والأحق بصياغة نظام عالمي مستقبلي. وفي قلب هذا الصراع يقع المجال المحوري للتكنولوجيا والابتكار، حيث تتنافس الدولتان بشدة من أجل الهيمنة عليه. 
في المشهد الحالي، تتمحور المنافسة بين البلدين بشكل حاسم حول إنتاج المعالجات، وهي ساحة تتميز بتعقيد لا مثيل له، خاصة أن هذا التحول اكتسب أهمية متزايدة على خلفية وباء كوفيد 19. تلك هي الأزمة التي كان لها تأثير عميق على صناعة المعالجات، إذ وجدت الشبكة المعقدة من سلاسل توريد أشباه الموصلات، والتي تخدم بمثابة شريان الحياة للإبداع التكنولوجي، وجدت نفسها معطلة بشدة.
وبينما تناور القوتان العالميتان عبر تعقيدات هذه المنافسة عالية المخاطر، تبرز صناعة المعالجات كنقطة محورية لا ترمز إلى الصدام التكنولوجي الحالي فحسب، بل تلخص أيضًا السرد الأوسع للتعافي بعد الوباء وإعادة معايرة الديناميكيات الاقتصادية العالمية، إذ أصبحت المعركة من أجل التفوق في إنتاج المعالجات رمزا للتحديات والفرص التي تنتظرنا في إعادة تشكيل المشهد التكنولوجي في أعقاب الاضطرابات العالمية غير المسبوقة.
وفي سياق هذا الصراع، كثفت إدارة الرئيس جو بايدن جهودها، مع التركيز بشكل مباشر على الشركة الهولندية “أيه أس أم أل” القابضة لإلغاء صفقة بيع معدات تصنيع الرقائق الإلكترونية المتقدمة للصين. وتأتي هذه الخطوة من قبل الإدارة الأميركية كرد مباشر على طلب مسبق من الصين، والذي أدى إلى تفعيل قرار حظر تصدير مثل هذه التكنولوجيا الحيوية إلى الدولة الآسيوية.
وإذ تبرر الولايات المتحدة موقفها المتشدد استنادا إلى ضرورة تبني سياسات صارمة ضد شركات التكنولوجيا الصينية بحجة الخوف من تشابك التكنولوجيا الصينية مع أجهزة الدولة، لاسيما القدرات العسكرية، بما يمكن أن يؤدي إلى أنشطة تجسس عالمية، فإن الصين ترفض بشدة الإجراءات التي فرضتها الولايات المتحدة، والمصممة خصيصًا للحد من وصول الصين إلى تكنولوجيا تصنيع الرقائق المتقدمة. وتكشف ملامح هذا النزاع عن نقاط توتر أعمق بين البلدين تقترب من ذروتها.
 إذن، الخلاف حول الوصول إلى تكنولوجيا تصنيع الرقائق المتقدمة بات نقطة محورية، وحوله تتبلور التعقيدات الأوسع في العلاقة الثنائية، لتلخص صراعاً أعمق بين المصالح الاستراتيجية، والمنافسة الاقتصادية، والنفوذ الجيوسياسي العالمي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية