العدد 5586
الثلاثاء 30 يناير 2024
banner
دعهم يجعجعون
الثلاثاء 30 يناير 2024

“جعجع” حرفان مضاعفان ينطلق منهما رنين كذاك الصوت الذي يصدر من الحجر الفارغ، فلا تجد منه “فايدة ولا عايدة”، يدور ويلتف باحثًا عن ثغرة هواء ليجد فيها الأمان والراحة، والاستمتاع بنشاطه الحركي الذي يقوم به محاولاً التمركز في نقاط الاهتمام. 
لقد اعتاد أصحاب هذه الجعجعة التأقلم في مكان يعتقدون أنهم الأوحد فيه، لا يحبون صفوف المنافسة لأنها تشعرهم بالخوف، تبدو عليهم علامات الطأطأة غالبًا، وبما أننا نرى هذا النوع من الشخصيات كثيرًا، سأدلكم على طريق اكتشافهم ولو أنه صعب بعض الشيء بسبب تعدد الأصوات التي يتلونون بها، لكن المؤشر الواضح في عيونهم التي تفضحهم في غالب الأحيان، لكنهم سرعان ما يبدون حسن النوايا عند شعورهم بذلك، والغاية هي الإيحاء بعكس ما يمكن اكتشافه من علامات وجوههم، وهذا ما يؤدي إلى تشويش الصورة والرؤية بعض الشيء، خصوصا لمن لا يتقنون فن الجعجعة، هؤلاء الأشخاص درسوا منهجية الجعجعة بشكل عميق لأنها تعتمد على التجربة والتكرار للموقف بشكل مستمر، وتتواصل بناءً على حجم التفاعل معهم من قبل الآخرين، خصوصا في تلك الأوساط التي يعتاد أصحابها على أصوات صاخبة ذات ألحان “الأناسلفشية” وهي تلك التي لا تشعر بقيمتها إلا بعد تطبيق سياسة “روح فاضي وتعال قاضي”. 
أعلم أنها فرصة في غاية المكاسب لمن لا يمتلك إلا صهيله وجرأته في اجتياز الحواجز والوصول إلى مآرب في ظاهرها الحماية والوقاية، والسبب ربما يكون.. بسبب مواقف وصور قديمة تتضمن عدم الشعور بالأمان والاستقرار، أدت إلى البحث الدائم عن مظلة ارتياح، فيبقى يجعجع في الحجر أفضل من الاصطدام به. 
أعزائي القراء، لا يمكننا الخروج من دائرة هؤلاء الأشخاص لأنهم يولدون بشكل مستمر، لكن بإمكاننا عدم العبور من خط دورانهم حتى لا يتمكنوا من تسليط الانتباه المرضي المزمن، فغدًا يرحلون ولن يجدوا من يجعجع لهم حتى برنة هاتفية.
* كاتبة وأكاديمية بحرينية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .