العدد 5573
الأربعاء 17 يناير 2024
banner
انتخابات الرئاسة الأميركية إلى أين؟
الأربعاء 17 يناير 2024

تتسارع الأحداث، وتقترب الانتخابات الرئاسية الأميركية 2024، ومعها يكاد قلب أميركا يذوب في داخلها، خوفا وهلعا من أن تضحى الحدث المفصلي الذي تناوله عدد وافر من السياسيين والمفكرين العالميين وليس الأميركيين فقط، ومنهم البروفيسور "يوهان غالتونغ"، الرجل الذي تنبأ من قبل بموعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وذلك من خلال معادلات رياضية وحسابات خوارزمية، سيما وأنه عالم رياضيات وليس اجتماع فحسب.

على عتبات الانتخابات التمهيدية التي ستجرى في نوفمبر المقبل، يبدو المشهد الأميركي ضبابيا إلى أبعد حد، وشقاقيا إلى أقصى مد، ويبدو للناظر أن الاقتراع لن يجري برسم عملية سياسية راقية وتنافسية خلاقة، تقود لإيجاد رئيس جديد للبلاد، إنما عبر صراع لا أخلاقي يتبدى في الاتهامات التي يكيلها كل طرف للآخر. على عتبات الانتخابات التمهيدية في ولاية "إيوا"، ذات الأهمية الخاصة في طريق اختيار الرئيس الأميركي الجديد، يبدو الحزب الديمقراطي وكأنه عزم أمره وشد من حزمه لجهة تعزيز ترشيح الرئيس جو بادين لولاية ثانية، رغم تراجعه الكبير في عيون الأميركيين، الأمر الذي تبينه استطلاعات الرأي في الشهرين الأخيرين. هل لدى الديمقراطيين مرشح آخر يخبئونه للحظة الأخيرة، وسيتم إعلانه في الساعة الحادية عشرة من زمن الانتخابات؟ الكثير من التحليلات تربط بين الحالة الصحية للرئيس بايدن، والتي لا ترضي النخبة التقدمية في الحزب الديمقراطي بنوع خاص، وبين حتمية إيجاد مرشح آخر، تكون فرصته للوصول إلى الرئاسة مؤكدة، ويمكنه الاحتفاظ بالبيت الأبيض لسنوات أربع أخرى. في هذا الإطار يلفت الأنظار شخصان ديمقراطيان لامعان، الأول هو حاكم كاليفورنيا الواعد، "غافين نيوسوم"، والذي يبدو أنه صديق للصين بنوع عام، وللرئيس الصيني "شي جين بينغ" بصورة خاصة، وهو بعد مهم للغاية لسياسات أميركا الخارجية في عالم متغير، تلعب فيه الصين دورا مشاركا في تسنم القطبية العالمية. الثاني، هو ميشال أوباما، زوجة الرئيس الأسبق باراك أوباما، ما يفتح حديثا متصلا حتى الساعة عن الدور الذي يقوم به أوباما في الوقت الحاضر، ذلك أن الكثيرين يعتبرون أوباما في المحرك الحقيقي للبيت الأبيض، ولإدارة الرئيس بايدن، حيث تبدو حالته الذهنية لا تؤهله بصورة أو بأخرى لإدراك أبعاد الصراعات الدولية من جهة، والتحديات الأميركية من جهة ثانية. 
هل الضبابية تغلف مسارات الحزب الديمقراطي فحسب؟
قطعا تبدو مساقات الحزب الجمهوري في أزمة أعمق، ذلك أنه بعد انسحاب كريس كريتسي حاكم ولاية نيو جيرسي السابق من سباق الانتخابات الأولية بين الجمهوريين لاختيار مرشح الرئاسة، بات المشهد محصورا في خمسة مرشحين فقط، الفارق بين أولهم دونالد ترامب، وبين الثاني رون دي سانتوس حاكم ولاية فلوريدا شاسع ويتجاوز 40 نقطة مئوية.
على أن الأمر قد يمثل معضلة بأكثر مما يمثل حلا، فترامب مطارد في أكثر من ولاية، ومن الجائز أن تصدر ضده أحكام قضائية، عطفا على اتخاذ محاكم بعض الولايات قرارات تفضي إلى عدم ترشحه، ما يجعل من المحكمة العليا، صاحبة الكلمة الفصل في إمكانية ترشح ترامب من عدمه. يتساءل الكثير من المراقبين الثقات للمشهد الأميركي، والمتخصصين في الشأن الأميركي: "ماذا لو تم اختيار ترامب رئيسا، مع احتمالات إدانته وسجنه؟ هل سيحكم أميركا من وراء القضبان؟ وأية معضلة ستواجهها الحياة السياسية الأميركية في حاضرات أوقاتنا؟
تبدو أميركا في وقت عصيب، وهناك من يرى أن الحل يتمثل في غياب بايدن وترامب مرة واحدة من على ساحة الأحداث، فكلاهما بات عبئا على حزبه وعلى سمعة المؤسسات السياسية الأميركية، فبايدن تطاله اتهامات تشكك في عمالته للصين وأوكرانيا من خلال ابنه هانتر، وترامب ربما خرق النظام السياسي نهار 6 يناير 2021.
هل أميركا بحاجة إلى بداية مغايرة؟.

كاتب مصري خبير في الشؤون الدولية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية