من المعتقدات السائدة عند عامة الناس قديماً، لجوء المرأة العاقر إلى تقديم ما يُطلق عليه "النذر"، إذا ما تحقّق لها ما ترجوه من ربّ العباد، حتى قِيْل إنّ امرأة في أربعينيات القرن الماضي نذرت على نفسها إذا ما رُزقت مولودا ذكراً، فسوف تُسافر به بحراً إلى جزيرة "فيلكا" الكويتية كي تحلق شعره! وقد جاءت حكاية حلق الشعر في وسطٍ انتشرت فيه بسطات الحلاقين الذين يستقبلون زبائنهم في الأسواق بقلب العاصمة المنامة، بينما كان الآخرون يزاولونها في بيوتات المنامة الهادئة، فيما كان سواهم يُزاولُ مهنة الطب الشعبي إلى جانب الحلاقة لكبار السن وتصفيفات الشعر للشباب والأطفال، فيما ذاع الصيت بين أهالي المحرق لممارستهم الحلاقة والختان والحجامة والتطبيب، وهو الأمر ذاته الذي اشتهر به حيّ المحاسنية بـ "جدحفص" بكثرة المُزّينين الذين يُزينون الوجه وينظفونه من الشعر الزائد ويرتبون الشوارب واللحية وصباغتها بالحناء.
بطبيعة الحال، لا تستكمل عِدّة الحلاق ومنها المُوس والمِسّن والمشط والطّاسة - أي الإناء الصغير - والفرشاة والمنشفة والبودرة والكرسي والمرآة المثبتة أو المحمولة وأوراق المشموم لتطييب جروح ما بعد الحلاقة، إلا بمتطلبات هذه المهنة التي يتمتع بها صاحبها بذوقه الرفيع ودقته البالغة وقدرته الفائقة على تسوية شعر الزبون وقصّه دون إصابة أو تشويه، حتى بدت مهنته واحدة من أبرز المهن التي أسهمت في المحافظة على هيئة الشخوص وتحديد هوياتهم وصورهم أمام الآخرين، علاوة على "بُروزها" كجزءٍ لا يتجزأ من حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية و.. إلخ بعد أنْ بدا هو المستمع الجيد لأفراحهم وأحزانهم وهو الناشر القدير لأخبارهم وشائعاتهم!

نافلة: 
دعم الطاقات الوطنية التي تمتلك المهارات العملية الكافية في إنجاز المهمات المحددة ببيئات العمل المشتركة؛ يُحققّ لها النجاحات البارزة ويُضيف إليها الخبرات النافذة عبر تقديم كل الوسائل والأدوات التي تُسهم في كفاءة أدائها وتسليمها المهمات المُناطة بها في وقتها المحدد وفق ما يتناسب مع مؤهلاتها وخبراتها وسط أجواء من المثابرة على التدريب والحرص على التأهيل الذي يؤدي جُلّه إلى نجاحها الحتّمي في اقتحام متعدد المجالات بعيداً عن احتكار العمالة الأجنبية كما هو الحال – مثالاً لا حصراً – في قطاع الحلاقة الرجالية الذي يُسجل فيها الشباب البحريني الطامح في مسيرة كفاحه المشهود وعطائه المعهود، النجاحات تلو النجاحات إذا ما توفرّت له سُبُل الدّعم الكافية وبرامج التدريب المتخصصة.

كاتب وأكاديمي بحريني