العدد 5458
الأحد 24 سبتمبر 2023
خطوة إلى الأمام خطوة إلى الوراء
الأحد 24 سبتمبر 2023

شكلت نتائج مؤتمر بكين، في بداية شهر آذار الماضي، والذي أعاد العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران، الخطوة الأساسية في المنطقة التي تعتبر أنها تفتح بداية تبدل مهم وكبير في المعطيات الجيوسياسية والاستراتيجية في المنطقة العربية بشكل عام ومنطقة الخليج العربي على وجه الخصوص. فتح اتفاق بكين المجال أمام التحول من الخصومة والمواجهة مع المملكة العربية السعودية وباقي دول مجلس التعاون الخليجي إلى مرحلة من التعاون وحسن الجوار مع إيران.

وكما هو معروف فإن الأوضاع في دولة اليمن البائس، وليس السعيد، تشكل حجر الرحى في كل هذه العملية المهمة، وعلى أساس نتائج علاج مشكلة اليمن يمكن الانطلاق لمحاكمة ومتابعة باقي العملية السياسية المستجدة على مستوى المنطقة والعلاقة مع إيران. هل ستذهب باتجاه الانفراج والتلاقي واستمرار التعاون أو تعود إلى التوتر والمواجهة والخصومة السابقة؟ في الأيام الماضية شهدت الرياض خطوة متقدمة وكبيرة جدا في مسار تحقيق الانفراجات على مستوى ملف اليمن، وكما هو معروف فقد لعبت سلطنة عمان دورا مركزيا وأساسيا في التمهيد لهذا التقدم عبر الوساطة الهادئة والهادفة والتراكمية من أجل تبريد التوترات وتقريب وجهات النظر المتباعدة.

هذا التطور ترجم عبر الخطوة الكبيرة والكبيرة جدا التي تمثلت في زيارة الوفد اليمني الحوثي برئاسة محمد عبدالسلام فليته إلى الرياض، والتي أتت استكمالاً للقاءات الفريق السعودي الذي أجراها في فترة سابقة مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني، في صنعاء، والتي تم التوصل فيها إلى العديد من الأفكار والخيارات لتطوير خارطة طريق تتوافق عليها الأطراف اليمنية كافة. حدث كبير هو أن ينتقل وفد الحوثيين المشاغب والمقاتل، طوال السنوات الماضية إلى عاصمة المملكة العربية السعودية لإجراء لقاءات متعددة مع المسؤولين هناك، وتتم مناقشة أغلب المواضيع الخلافية على أمل التوصل إلى اتفاق يحقق انفراجات كبرى تنتظرها جميع الأطراف، لكن مع انتهاء الزيارة، والتي شكلت خطوة كبيرة إلى الأمام نحو التفاهم والوئام ظهر من جانب الوفد اليمني ما يعكر صفو الإيجابيات التي لاحت، وقد جاء كلام أحد المسؤولين الحوثيين بعد الزيارة ليشير إلى استمرار التعثر والقلق.

عضو المكتب السياسي لحركة "أنصار الله" اليمنية علي القحوم، قال في ختام الزيارة "إن المفاوضات التي تمت في الرياض اتسمت بالجدية والإيجابية والتفاؤل في تجاوز التعثر والعقد في الملفات الإنسانية وصرف المرتبات والمعالجات الإنسانية ذات الأولوية لتخفيف معاناة الشعب اليمني جراء العدوان والحصار، وإلى معالجات جدية للملفات الإنسانية، وصرف المرتبات على مستوى الجمهورية اليمنية"، لكنه وفيما كان يسرد الإيجابيات طالب بوقف ما أسماه "العدوان ورفع الحصار"، ما يؤشر إلى بقاء انسدادات وتعثرات لا تزال تعترض سبيل التقدم، فكيف تنجح المباحثات في ظل التمسك باستخدام هكذا مفاهيم وتعابير؟ فتعبير "وقف العدوان" لا يتطابق مع التوجه لعودة الوئام.

الخطوة المتقدمة إلى الأمام التي سجلت في الرياض قابلتها مباشرة خطوة حوثية إلى الوراء، فهل نحن إزاء مراوحة أو تقدم؟.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .