العدد 5246
الجمعة 24 فبراير 2023
banner
عزيزي محرم فؤاد
الجمعة 24 فبراير 2023

أود أن أعترف لك أنك لست على قائمة المطربين المفضلين، لأسباب ليست علمية بالمرة، لا علاقة للعلم بالقبول والشعور بالراحة، لكنني أنصت إليك بإخلاص في أغنيات بعينها، أحب أن أسمع منك “تعب القلوب”، و”لو كان الأمر أمري”، و”الحلوة داير شباكها”.


اليوم وبينما أخطف “تصبيرة” من أحد محلات ساندويتشات الكبدة والسجق، وفي انتظار دوري، كان صوتك قادما من الراديو بأغنية أضيفت للقائمة السابقة، فارتحت لك وأنت تغني.. “ماتلونيش خدودك ماتلبسيش حلق.. ده انتي كدة بطبيعتك من أجمل ما خلق”. سحرتني فكرة “بطبيعتك”، هل تعرف يا أستاذ محرم ما الذي يقود كثيرات إلى زيارة عيادة طبيب التجميل؟ الإجابة: الرجل، فانجذاب الرجل للمرأة المرسومة المُصنّعة، يقود بنات مدرسة “بطبيعتك” للجنون.


عمليات التجميل تجعل كل النساء شيئًا واحدًا متشابهًا وكأنها موضة، عمليات التجميل تضيع ما يميزك، هذا التميز الرباني (طبيعتك) هو نصف الجمال، ويجب أن تعرف المرأة أنها غير مطالبة بالسير خلف كتالوجات، فللتجاعيد سحرها، لخلق الله مقاسات محددة مضبوطة بالفيمتو مللي، ومجرد تغيير فيمتو مللي فيها يحول الناتج إلى مسخ، لفترة طويلة عقب ظهور النت كانت اللعبة المفضلة تأمل صور الفنانات قبل وبعد.. قبل العمليات كانت تظهر عليهن (عيوب خلقية) بعد العمليات يبدون كـ (خلق معيوب)، من يفهم أن “الديفوه” يحلي ما حوله ويجعل له طعمًا مميزًا؟ من يفهم أن تمثال (فينوس) لولا أنه بلا ذراعين لكان تمثالا بلا معنى، من يفهم أنه شيء مقيت أن يعاشر الواحد امرأة ملكة جمال 12 % بلاستيك؟! هناك جمال لا تصنعه عيادات التجميل، هو السر وهو الأصل في كل طلة تأسر القلب، جمال تشعر معه أن (نفسك مرتاح) وأنك بخير وآمن وسعيد لسبب لا تعرفه، عيادات التجميل هي التي حولت الكلام عن “جمال الروح” إلى اكليشيه مبتذل حتى ينصرف عنه الناس كأساس لعلم الجمال، لكنه كمفهوم مازال يقاوم ويعبر عن نفسه كل يوم في وجوه الفلاحات والنساء الشعبيات وطفلات في طريقهن إلى المدارس وأمهات يلوحن لهن من الشرفات، هؤلاء ومن يشبههن جمال حقيقي نعيش في خيره جميعا، ووجدت في أغنيتك يا أستاذ محرم الدعم الذي تستحقه جميلات هذه المدرسة.. محبتي.


* كاتب مصري

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية