العدد 5082
الثلاثاء 13 سبتمبر 2022
banner
د.حورية الديري
د.حورية الديري
فرقدُ المهارة
الثلاثاء 13 سبتمبر 2022

عندما يرتبط حديث الكفاءة بالكفاءات فإننا نقف في مفترق الطريق بين مفهوم ونتيجة، وقد تتم ترجمتها بطريقة وأخرى تختلفُ كما في تطبيقها يختلف الآخرون، وعلى اعتبار أن الكفاءة تتطلب المهارة بالدرجة الأولى كمؤشر على ما يمتلكه صانعوها من قدرات، بإمكاننا أن نتحدث عن الجهد الذي يبذله الفرد لتحقيق إنجاز معين ونسبة التفاوت في سلسلة الخطوات ذاتها التي يتطلبها ذات الإنجاز، حيث يستطيع الفرد أن يكتشف مرونة التحقق من كل خطوة ومدى إتقانه لها، كما يكون ذلك بالتكرار أوضح وأعمق، كما في سلسلة كفايات التعلم تمامًا التي تستند على كفايات سابقة الإتقان لتحقيق معدل تراكمي محدد، يعلو ويرتفع بحسب قوة البدايات ودرجاتها.
كذلك الحال في مرحلة تطبيق المهارة التي تتطلب سلسلة إجراءات مهارية تصغر وتكبر حسب المهمة وطبيعة الموقف، لكنني هنا أعزز موقف المهارة التي تتطلب المعرفة التي تكسب المهارة قيمتها ومكانتها، كما في حال ذاك الرجل العجوز الذي استطاع - بعد محاولات فاشلة من قبل الكثير من العاملين لإصلاح محرك سفينة ما - أن يخرج مطرقة صغيرة طرق بها على جزء من المحرك طرقة خفيفة أعاد بها المحرك إلى العمل، وحيث إنه أثار استغراب الجميع بسبب المبلغ الكبير الذي احتوت عليه فاتورته إذ طلب عشرة آلاف دولار، وحيث إنه أوضح أن قيمة الطرق بالمطرقة تبلغ دولارًا واحدًا، بينما معرفة أين تطرق فتبلغ ٩٩٩٩ دولارًا، وقد أثار استغرابهم أكثر وأكثر، فأكد أن عملية بذل الجهد مهمة لإتقان العمل واكتساب المهارة، لكن تبقى معرفة “أين؟ ومتى؟” هي من تصنع الفرقد الساطع.
لذلك نجد أن قيمة ما يمتلك الرجل العجوز بدأت بمعارف وسلسلة مهارات أكسبته الخبرة التامة في عمليات الإصلاح والتقويم.. والمغزى من ذلك عميق جدًا يدركه من تواكبت عليه المعرفة والخبرة، وقد يكون أكبر فائدة لمن يستعجل أمره في بلوغ ما يريد ويتخطى الوقوف في أهم المحطات التي تكسبه الكفاية اللازمة حتى يمتلك الكفاءة التي يمكن قياسها في مضمار الكفاءات البشرية التي تتقن مهارة التشخيص والعلاج بمكانه وتوقيته.. ومن هنا تبقى المعرفة هي الفرقد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية