+A
A-

"وول ستريت" تتوقع حدوث ركود.. حددت موعده وهذه علاماته!

بات شبح الركود يخيم على توقعات وول ستريت بشكل واسع، مع إهمال كل المؤشرات الاقتصادية الإيجابية، خاصة بعد أن أضاف الاقتصاد الأميركي ما يقرب من نصف مليون وظيفة في مارس، وبينما يتداول مؤشر داو جونز في حدود 6% من أعلى مستوياته، فيما جمعت الأسر الأميركية ما يقرب من 2.5 تريليون دولار من المدخرات الزائدة طوال الوباء.

وحذر المليارديرات والمسؤولون السابقون في مجلس الاحتياطي الفيدرالي وحتى البنوك الاستثمارية مراراً وتكراراً من أن الاقتصاد الأميركي قد يصطدم بجدار في عام 2023، فما الذي يقود السلسلة الأخيرة من التوقعات الاقتصادية الضعيفة؟

 

قراءات من التاريخ

بالنسبة للبعض، إنها مسألة مقارنة تاريخية. إذ أكد وزير الخزانة السابق، لورانس سمرز، في مقال رأي نُشر مؤخراً في صحيفة "واشنطن بوست"، أن الظروف الاقتصادية الحالية تذكرنا بلا شك بفترات ما قبل الركود السابقة في تاريخ الولايات المتحدة.

وكتب سمرز: "على مدار الـ 75 عاماً الماضية، في كل مرة تجاوز فيها التضخم 4% وانخفضت معدلات البطالة إلى أقل من 5%، دخل الاقتصاد الأميركي في حالة ركود خلال عامين".

اليوم، يقترب معدل التضخم في الولايات المتحدة من 8%، وانخفض معدل البطالة إلى 3.6% فقط في مارس. نتيجة لذلك، يرى سمرز الآن أن هناك فرصة بنسبة 80% لحدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة بحلول العام المقبل.

 

انعكاس منحنى العائد

من جانبه، يعتقد رئيس الدخل الثابت في قسم الثروة الخاصة بالولايات المتحدة في CIBC، غاري بيزيغو، أن غالبية توقعات الركود الحالية تأتي من "إشارات السوق" مثل انقلاب منحنى العائد مؤخراً، وفقاً لما ذكره لـ Fortune، واطلعت عليه "العربية.نت".

وجادل بيزيغو بأن الطفرة في أسعار السلع الأساسية، وقرار الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة، وتأثيرات الحرب في أوكرانيا على النمو الاقتصادي العالمي، عملت على تسطيح منحنى العائد مؤخراً. وعندما انقلب، أشعل مخاوف من حدوث ركود.

تاريخياً أشار انعكاس منحنى العائد 2 / 10 - حيث تفوق عائدات السندات الحكومية قصيرة الأجل لمدة عامين عائدات السندات الحكومية طويلة الأجل لمدة 10 سنوات – إلى كل ركود حدث تقريباً منذ عام 1955، فيما أخطأ الاستنباط منه مرة واحدة فقط خلال تلك الفترة. وقد بلغ متوسط الإطار الزمني للركود بعد انقلاب منحنى العائد، ما بين 6 و24 شهراً، وبالتالي، كل التوقعات تدور حول حدوث ركود بحلول عام 2023.

مع ذلك، قال بيزيغو، إنه في حين أن احتمالات حدوث تراجع اقتصادي قد ارتفعت في الأشهر الأخيرة حيث تومض إشارات السوق باللون الأحمر، ما زال CIBC لا يتوقع الركود باعتباره "الحالة الأساسية".

 

التضخم والحرب وتباطؤ النمو

لم تكن البنوك الأخرى متفائلة بهذا القدر، إذ يرى الاقتصاديون في دويتشه بنك الآن ركوداً قادماً بحلول نهاية عام 2023، حيث سيصبح التضخم واسع النطاق.

وكتب فريق دويتشه بنك بقيادة الخبير الاقتصادي ديفيد فولكرتس لانداو يوم الثلاثاء: "تسببت صدمتان في الأشهر الأخيرة - الحرب في أوكرانيا وتراكم الزخم في ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة وأوروبا- في تعديل توقعاتنا للنمو العالمي بشكل كبير.. نتوقع الآن حدوث ركود في الولايات المتحدة، في غضون العامين المقبلين".

ولاحظ الاقتصاديون أن الحرب في أوكرانيا عطلت سلاسل التوريد العالمية، وزادت بشكل كبير من أسعار السلع الأساسية وتكاليف الطاقة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وقال بيزيغو، إن التضخم يمكن أن يؤدي في كثير من الأحيان إلى تدمير الثروة أيضاً، خاصة عندما يتجاوز ارتفاع أسعار المستهلك نمو الأجور.

أدت توقعات الناتج المحلي الإجمالي الأخيرة من كونفرنس بورد أيضاً إلى مخاوف من حدوث ركود في الأفق. ومن المتوقع الآن أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للولايات المتحدة إلى معدل سنوي يبلغ 1.7% فقط في الربع الأول من عام 2022، مقارنة بالنمو السنوي البالغ 7% الذي شوهد في الربع الأخير من عام 2020.

 

هل يستطيع الفيدرالي إنقاذ الاقتصاد؟

بالنسبة للمتنبئين الاقتصاديين الآخرين، يعتبر الاحتياطي الفيدرالي مفتاح التنبؤ بركود وشيك.

فمنذ بداية الوباء، دعم البنك المركزي الاقتصاد الأميركي من خلال الحفاظ على أسعار فائدة قريبة من الصفر ساعدت في تحفيز الإقراض. كما أغرق أسواق الدين الأميركية بالنقد من أجل تحفيز النشاط الاقتصادي من خلال سياسة نقدية غير تقليدية تسمى التيسير الكمي.

ومع تلاشي القيود الوبائية وانتقال التضخم إلى مستويات عالية لم نشهدها منذ أربعة عقود، حالياً يواجه بنك الاحتياطي الفيدرالي مهمة صعبة وهي: ضمان ما يسمى "الهبوط" السهل للاقتصاد الأميركي.

والهدف هو رفع أسعار الفائدة وإنهاء التيسير الكمي من أجل تهدئة النمو الاقتصادي ومكافحة التضخم.. كل ذلك دون التسبب في ركود.

من جانبه، يعتقد أسطورة الاستثمار كارل إيكان، مؤسس ورئيس مجلس إدارة Icahn Enterprises الذي يمتلك ثروة تقدر بأكثر من 15 مليار دولار، أن بنك الاحتياطي الفيدرالي ليس جاهزاً لعملية الهبوط الآمن هذه.

وقال إيكان: "لا أعرف حقاً ما إذا كان بإمكانهم هندسة هبوط سلس".

في ما يعتقد الملياردير أن الاقتصاد الأميركي سيشهد ركوداً "أو حتى أسوأ" بحلول نهاية العام المقبل، ويتفق الاقتصاديون في دويتشه بنك على ذلك.