+A
A-

"كودا" أول فيلم لمنصّة بثّ يقتنص جائزة الأوسكار

فاز “كودا”، وهو فيلم مؤثر تدور أحداثه حول ابنة واحدة تتمتع بحاسة السمع في أسرة من الصمّ، بجائزة أفضل فيلم في حفل توزيع جوائز الأوسكار ليلة الأحد، في مناسبة شهدت حادثة أثارت جدلا واسعا تمثلت في صفعة من ويل سميث الفائز بجائزة أفضل ممثل لمقدم الحفل كريس روك.

وبتتويجه بالأوسكار أصبح “كودا” أول فيلم من إنتاج منصة بث على الإنترنت، وهي “أبل.تي.في”، يفوز بأكبر جائزة في مجال السينما.

تمكن فيلم “كودا”، المنخفض الموازنة والذي حصل على تمويل فرنسي بالكامل، من أن يحصد عدة جوائز في الأسابيع الأخيرة بعدما تجاوز كل الصعوبات واحدة تلو الأخرى، ومنها حرمانه من فرصة عرضه في دور السينما بسبب الجائحة.

لا يعرف كثيرون في هوليوود أن هذا الفيلم مقتبس عن فيلم فرنسي عنوانه “لا فامي بيلييه” لإريك لارتيغو حقق نجاحا كبيرا ومفاجئا في فرنسا، إذ تجاوز عدد مشاهديه ثلاثة ملايين في دور السينما عند عرضه فيها نهاية سنة 2014.

ولاحظ منتج النسختين الفرنسية والأميركية فيليب روسوليه في حديث أن “لا فامي بيلييه” كان “فيلما كوميديا ناجحا بالطريقة التي يحبها الجمهور الفرنسي”، في حين “تمكنت مخرجة كودا سايان هيدر من جعله فيلما أميركيا مستقلا من النوع الذي يحبه الأميركيون، فبات أكثر كوميديا درامية”.

وأضاف “أعتقد أن الفيلمين أفادا من أكثر ما يبرع به كل من البلدين. ومن منظوري كمنتج، هذا الأمر يجعل الرحلة مثيرة جدا للاهتمام، لم أشعر بأنني أصنع الفيلم نفسه فعلا”.

واعتبر روسوليه أن النجاح في الحالتين “يعود بشكل أساسي إلى قصة الفيلمين وإلى شخصياتهما، لا إلى الوسائل”، واصفا القصة بأنها “فريدة وقوية جدا”.

يروي الفيلمان قصة مراهقة يتنازعها شغفها بالموسيقى وحرصها على البقاء في المنزل لمساعدة والديها وشقيقها الصمّ على التواصل مع الآخرين، إذ تنعم وحدها بحاسة السمع في أسرة من الصمّ. ويتألف عنوان الفيلم من الأحرف الأولى لعبارة بالإنجليزية هي Child of deaf adult تشير إلى أبناء البالغين الصمّ.

وكما في الفيلم الأصلي، تدور الكثير من حوارات “كودا” بلغة الإشارات التي تعلمتها للمناسبة كل من المخرجة سايان هيدر والممثلة إميليا جونز التي تؤدي دور المراهقة روبي، إلا أن الفارق يكمن في أن نجوما يتمتعون بحاسة السمع كانوا يتولون الأدوار الرئيسية في “لا فامي بيلييه”، ومنهم فرنسوا داميان وكارين فيار، في حين أن “كودا” فضّل أن يكون أقرب إلى الواقع من خلال إسناد الأدوار إلى ممثلين من الصمّ، غير معروفين نسبيا. وكان “كودا” يُعتبر مفاجأة موسم الجوائز السينمائية في البداية، لكنه تمكّن في الأسابيع الأخيرة من أن يفرض نفسه ببطء من خلال فوزه على التوالي بكبرى جوائز “ساغ أووردز” التي تمنحها نقابة ممثلي الشاشة في هوليوود، ثم بجائزة “بروديوسرز غيلد أوف أميركا” من جمعية منتجي هوليوود.

وكانت رحلة “كودا” نحو حصد الإعجاب حافلة بالمطبات. فالتصوير في ولاية ماساتشوستس بشمال شرق الولايات المتحدة انتهى قبل الجائحة، إلا أن الأخيرة قلبت كل شيء رأسا على عقب في مرحلة ما بعد التصوير، في يونيو 2020.

وروى روسوليه “لم نتمكن من إنهاء الفيلم، واضطررنا إلى نقل كل ما يتعلق بمرحلة ما بعد التصوير من كندا إلى لوس أنجلس لأن مخرجتنا لم تعد تستطيع السفر”.

وبقيت مسألة بيع “كودا” إلى السوق الأميركية، لكنّ الأمر كان صعبا جدا في ظل إقفال دور السينما في الولايات المتحدة. وأضاف “لذلك وضعنا الفيلم على الرف لمدة ستة أشهر. لم يكن واردا إرسال رابط عبر الإنترنت إلى الموزعين الأميركيين حتى يتمكنوا من مشاهدة الفيلم في المنزل بين موعدين”.

وعاد الأمل عند اختيار “كودا” ليكون الفيلم الافتتاحي لمهرجان “ساندانس” السينمائي المرموق في يناير 2021. لكن الوباء اضطر المنظمين مرة أخرى لإقامة الدورة بالصيغة الافتراضية بالكامل.

لكنّ هذا الأمر لم يحل دون تنافس منصات البث التدفقي بشراسة على الفيلم وحصلت عليه في نهاية المطاف “أبل.تي.في” بعدما اشترته لقاء سعر قياسي لفيلم معروض في مهرجان الأفلام المستقلة هو 25 مليون دولار.

يعتبر أوسكار أفضل ممثل الذي حصل عليه ويل سميث عن دوره في فيلم “كينغ ريتشارد” الأحد، بمثابة تتويج لمسيرته الفنية الطويلة.

وحاز مغني الراب السابق البالغ 53 عاما والذي استحال ممثلا، أبرز تكريم في مجال السينما لتجسيده شخصية والد ومدرب بطلتي التنس سيرينا وفينوس وليامس في فيلم درامي من إنتاج “وورنر براذرز”.

وتفوق ويل سميث على أربعة منافسين خافيير بارديم (الذي رشّح عن فيلم بيينغ ذي ريكاردوس) ودنزيل واشنطن (ذي تراجيدي أوف ماكبيث) وبينيديكت كامبرباتش (ذي باور أوف ذي دوغ) وأندرو غارفيلد (تيك تيك… بوم).

وقال سميث بعد استلامه الجائزة “أريد أن أشكر فينوس وسيرينا وجميع أفراد عائلة وليامس على ائتماني قصتكم”.

وتوجه الممثل باكيا “بالاعتذار من الأكاديمية” (الجهة القائمة على جوائز الأوسكار)، وذلك بعدما أثار ذهولا لدى الحاضرين في القاعة إثر اعتلائه المسرح في حالة استياء لتوجيه صفعة للفكاهي كريس روك بعيد إطلاق الأخير دعابة بشأن الرأس الحليق لزوجته جادا بينكت سميث المصابة بمرض يؤدي إلى تساقط الشعر بكثافة.

وفي لحظة بدت في البداية وكأنها مزحة معدّة مسبقا، تقدم سميث إلى خشبة المسرح وصفع روك بعد أن سخر من زوجته.

ولكن سرعان ما أصبح واضحا أن الصفعة كانت حقيقية عندما تبادل سميث، الذي عاد إلى مقعده، كلمات مع روك تضمنت سبابا بذيئة كررها مرتين، مما صدم الجمهور في مسرح دولبي.

وبعد دقائق، علم سميث أنه فاز بجائزة أفضل ممثل. وفي الكلمة التي ألقاها بعد فوزه، بكى سميث واعتذر للمرشحين الآخرين وأكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة، لكنه لم يقدم اعتذارا إلى روك.

وتناقضت المشادة مع لحظات السعادة المرتبطة بفيلم “كودا”. وعند إعلان فوره بجوائز أفضل فيلم وأفضل ممثل مساعد وأفضل سيناريو مقتبس، وقف جميع الحضور تقريبا وصفقوا بلغة الإشارة.

وتفوق “كودا” في منافسة قوية على فيلم “باور أوف ذا دوج” (قوة الكلب) من إنتاج نتفليكس، وهي دراما قاتمة من أفلام الغرب الأميركي، وأفلام أخرى من شركات الإنتاج التقليدية في هوليوود.

وقال المنتج باتريك واتشسبيرجر أمام طاقم الفيلم وهو يقف على خشبة المسرح “أريد حقا أن أشكر الأكاديمية على تقديرها لفيلم عن الحب والعائلة في هذا الوقت الصعب وهو ما نحتاجه اليوم”.

وعاد حفل توزيع الجوائز الأكثر شهرة في هوليوود إلى شكله المعتاد بعد أن حدت قيود الجائحة من مراسم العام الماضي.

غير أن المزاج العام تحول إلى الكآبة بعد صفعة سميث على وجه روك في أعقاب إشارة الممثل الكوميدي إلى فيلم “جي.آي جين” عام 1997، والذي حلقت فيه الممثلة ديمي مور شعر رأسها بالكامل. وكان التعليق موجها إلى زوجة سميث، التي أبلغت مجلة بيلبورد في ديسمبر بأنها تكافح مرض الثعلبة، الذي يمكن أن يسبب تساقط الشعر والصلع.

وقال روك بينما ضحك الجمهور الذي اعتقد في البداية أنها مزحة “ويل سميث صفعني للتو”. وعاد سميث إلى مقعده وصرخ مرة أخرى قائلا “لا تنطق اسم زوجتي بفمك البغيض”.

وهذا الأوسكار هو الأول لويل سميث الذي رشح سابقا لهذه الجائزة مرتين، الأولى عن دوره في فيلم “علي” الذي يتناول قصة بطل الملاكمة محمد علي كلاي عام 2002 والثانية بعد خمس سنوات عن دوره في “ذي بورسوت أوف هابينس”.

وبذلك، يصبح سميث خامس رجل أسود يفوز بأوسكار أفضل ممثل بعد سيدني بواتييه الذي توفي في يناير، ودنزيل واشنطن وجيمي فوكس وفورست ويتيكر.

وفي كلمته خلال تسلم الجائزة، قال سميث “ريتشارد وليامز كان مدافعا شرسا عن عائلته. الفن يحاكي الحياة. أبدو مثل الأب المجنون، تماما كما قالوا عن ريتشارد وليامز. لكن الحب سيجعلك تفعل أشياء مجنونة”.

وقالت الأكاديمية على تويتر إنها “لا تتغاضى عن العنف بأي شكل من الأشكال”.

وقالت شرطة لوس أنجلس، دون أن تذكر أسماء، في بيان إن المحققين على علم بالحادث، لكن “صاحب الشأن” رفض حتى الآن تقديم بلاغ إلى الشرطة.