العدد 4842
الأحد 16 يناير 2022
banner
معضلة التواصل التفاعلي!
الأحد 16 يناير 2022

نحن الآن وبلا شك في عصر تفاعلي رفيع المستوى، التواصل بين المجموعات البشرية أصبح فائقا بشكل لا مثيل له، فمن منا كان يستطيع في السابق أن يتواصل مع مشهور أو ممثل أو مطرب أو حتى صاحب فقه أو علم لطلب المشورة أو الاستعانة به، أو إبداء آرائنا حول قضية ما أو موقف معين، لقد خلقت لنا التكنولوجيا بيئة خصبة للتواصل المباشر مع كل من كان بعيدا وصعب الوصول، حتى خيل للبعض أنه فرضا عليه أن يجيبهم وأن يسمح لهم باقتحام مساحته الخاصة، والأمر هنا لا يشمل وسائل التواصل الاجتماعي فقط، إنما يتخطاه إلى كل ما يتسعه هذا الفضاء الإلكتروني من مساحة كبيرة للبرامج والتعليم والثقافة والفن والطب والعلوم وغيره.
ويبدو أن هذا الأمر خلق ثقافة لا واعية بعدم احترام أوقات الغير وحياة الغير، إلا لمن رحم ربي ممن يقدرون ذلك، والمشكلة هنا لا تتعلق بالأشخاص البالغين الراشدين ممن تخطوا مراحل الدراسة إلى اكتساب العمل والمهارة، لكنها تتعلق بالطلاب بالمدارس والجامعات الذين باتوا يغتالون أوقات مدرسيهم بتكرار الأسئلة في كل وقت سمح لهم، والتطفل عليهم في أي وقت حلا لهم، وقد خلقت أزمة كورونا إشكالية كبيرة تكمن في شعورهم المبالغ باستحقاقهم غير المفهوم للدرجات، وأرجع السبب في ذلك إلى أن أغلب هؤلاء يستعينون بأحد الوالدين، أو الأهل أو الأصدقاء في عمل واجباتهم ودروسهم، والحقيقه أنني كأستاذ أرى أن لا ضير في الاستعانة في حدود التعلم أو الاستجابة للمعلومة، لكن مع وجود المسؤولية الكاملة من قبل الطالب تجاه ما يواجه أو يدرس من مواد ومعلومات، والأهم من ذلك كله احترام أستاذ المادة حتى إن كان لا يراه عن كثب، فالتكنولوجيا خلقت لكي تسهل لدينا الأمور من علوم وخدمات وغيرها، لكن يجب أن ننتبه إلى أن لا تسلبنا أخلاقنا واحترامنا ذاتنا قبل الآخرين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .