أنطلقُ اليوم من حكمة لسقراط تقول “عندما تثقف رجلاً تكون قد ثقفت فردًا واحدًا، وعندما تثقف امرأة فإنما تثقف عائلة بأكملها.”. ومن هنا أقف أمام علاقة اليد باليد الأخرى، فكما نقول إن اليد تغسل الأخرى، إلا أننا يمكن أن نقول أيضًا إن الاثنتين تغسلان الوجه، فماذا يعني ذلك؟
في تصوري، هذا ما يمكن أن نسميه فصلا من فصول “كتاب الحياة” ومنهجا دراسيا واضحا لمقرر “جودة الحياة”، من خلاله يمكن أن يتم استعراض التجارب والخبرات التي ساهمت في تعزيز الحضور الثقافي للمرأة في بناء المجتمع ودورها المحوري تجاه نفسها ومسؤوليتها الجمة في أخذ المكانة التي تستحق، عبر اختيار محطاتها التنموية بعناية تامة، وحيث اننا لا نقصد المؤهل الدراسي فحسب، بل تلك المقومات الكوكتيلية التي تبني شخصية خارقة تبنى على سواعدها الأمم الراقية.
هكذا أرى الشخصية المثالية للمرأة، صانعة البناء الفكري والمادي والأخلاقي، وعليه لا يمكن أن نغفل دورها الاجتماعي، باعتباره انعكاسا للأسس التربوية والثقافية التي نشأت عليها واكتسبتها، فهي لبنة العمل الثقافي والثراء الحقيقي للمجتمع، وهي خطوة لا يمكن أن تتم إلا بجهود اليدين في الكشف عن صحة النظر فيما تتمتع به المرأة من قدرات وهيمنة قوية لبناء مسيرة التنمية، من خلال ما توليه من رعاية واهتمام بتأدية واجباتها تجاه أسرتها وأبنائها انطلاقًا لتعزيز دورها الاجتماعي، وحيث تتنوع أدوارها بناء على مؤهلاتها العلمية والثقافية والاجتماعية.. وكم يسعدني شخصيًا الوقوف أمام رصد المنجزات وقصص النجاح التي تعد أفضل الوقفات التعليمية والإرشادية لمن تتطلع نحو تفعيل دورها البنائي والاقتداء بمسيرات تنموية أبدعت في خطواتها، وبرعت في جهود تأسيس مجتمعها الأسري الصغير، واستطاعت أن ترفد مجتمعها بعناصر ذات كفاءة عالية، في حين لم تبرح الابتعاد عن وضع بصماتها الرائدة في كل محفل ومكان.
في الحقيقة، أثبتت المراصد التنموية كافة تلك العلاقة بين مستوى الرقي والتطور في المجتمعات المعاصرة، وبين ما تحظى به المرأة من فرص المشاركة وتحمل المسؤولية، وأينما وجدت هذه الفرص فإنها تحتاج إلى فئة مؤمنة بإمكانياتها لصناعة تكاتف اليد باليد،
لذا بإمكاننا أن نوصي هنا بأحقية اليد لمصاحبة اليد الأخرى، فلا نعلم ما تستطيع الاثنتان صناعته لو دفعت كل منهما الأخرى.