العدد 4810
الأربعاء 15 ديسمبر 2021
banner
لنتوقف عن إهانة ريادة الأعمال
الأربعاء 15 ديسمبر 2021

ريادة الأعمال أصبحت مجموعة من الكلمات التي تبعث رونقاً لأي تاجر ولأي عمل حديث يقوم به الشباب، أنا في الواقع من مؤيدي القيم التي تأتي بها فكرة ريادة الأعمال، فهذا العالم السريع يتطلب منتجات وخدمات قيمة، وللأسف فإن معظم الوظائف قد لا تمثل كل ما يطمح له كل طموح، فما المأخذ من أن تقوم بأخذ زمام الأمور والتوجه في طريق مظلم مليء بالعوائق؟ إنه ذلك الضوء البعيد الموجود في نهاية هذا النفق والذي يمثل الحرية المادية التي يحلم بها الكثير من البشر على وجه الأرض.
ريادة الأعمال هي توجيه شغفك وطاقتك لبناء قضية تجارية تسمح لك بممارسة عملك كما تراه صحيحا من دون الانصياع لطلبات غير واقعية من معظم أرباب الشركات، نعم، هذا ما تسمعون، لكن ريادة الأعمال ليست بحلم مليء بالورود، فالواقع مظلم بكثير، حيث أن الكثير من مما يسمون برواد الأعمال لا يملكون قوت يومهم، ذلك والكثير من التنازلات المقدمة على أمل الوصول الى ذلك الحلم، لكثير ليس لديه أدنى فكرة مما ينتظره في عالم ريادة الأعمال.
المثير في هذا الموضوع أن العامة ينظرون الى رواد الأعمال كالأبطال بسبب الإعلام المركز الذي يحصل عليه الكثير من هؤلاء، وذلك شي مفيد لأهميته في نشأة جيل يؤمن بنهج حياة مثمرة جديدة، وذلك هو المسار المهني الذي يسمح لهذا الجيل بحل مشاكل حقيقة وليست تافهة، لكن لو قمنا باستطلاع الآراء سنقوم بالتعجب.
حصلت ريادة الأعمال على سمعة تتفاوت بين السيئة والطيبة وذلك لاختلاف آراء البشر و تجاربهم، وتجربتي في هذا الوسط المحلي مقاربة لذلك قد رأيت الكثير من مما نسميهم برواد الأعمال الذي هدفهم الشاغل هو بناء حملة إعلامية شديدة الأثر لمنتج أو خدمة ليست لها أي صلة بالواقع، والمؤسف بأن تلك المشاريع تحصل على دعم و تمويل بذخ أحيانا، وذلك تحت التأثير القاسي لمقاييس الـ KPIs التجارية والحكومية، وهذا موضوع ليوم آخر.
اذا كنا نطمح أن نقوم بتهيئة وسط مناسب وحقيقي لرواد الأعمال، فيجب علينا التكاتف كتجار ودوائر حكومية لتوفير هذه البيئة المطلوبة، ولا أتكلم هنا هو موضوع التمويل فقط، حيث أن من الجهل أن نقوم بقليل أهمية الأطراف الأخرى والتي تجعل تجربة ريادة الأعمال تجربة ناجحة للفرد والمجتمع.
قمت بكتابة آرائي مسبقا على مدونتي لكن لكي ألخصها هنا لك أيها القارئ الكريم، الدعم الحكومي المختص بريادة الأعمال بحاجة لمنظومة قوية تقوم بالتأكد من أحقية وجدوى المشاريع قبل دعمها، وذلك بدءا بتعيين كوادر قادرة على التقييم بخبرتها الواسعة. لست هنا لمجرد الوجاهة المؤسسية، ولكن كم هو مؤسف أن تكون محطا للاستنزاف المادي لرواد الأعمال الذين ليس لديهم أي خطة حقيقية لتحقيق ما يقومون بتسويقه، هل ما يسمى بـ”الفشخرة الإعلامية” أفضل ما يمكننا القيام به؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية