من أهم دروس جائحة فيروس كورونا كوفيد 19 الإيمان بأننا في عالم واحد نشترك معا في الأوجاع والأضرار، وأنه لا يمكن لدولة أن تعيش بمفردها سعيدة تاركة الآخرين في معاناتهم دون أن ينالها نصيب من هذه المعاناة بأي شكل كان.
إلا أن هناك دولا معدودة استطاعت أن تسير لفترة عكس هذه القاعدة، وأن تعيش بمعزل عن العالم لنحو عامين، ومن بينها مملكة تونغا وهي جزيرة تقع جنوب المحيط الهادئ، وتبعد نحو كيلومتر شمال نيوزيلندا، فلم تسجل أية حالة إصابة بفيروس كورونا المستجّد، إلا مؤخرًا وتحديدا في 29 أكتوبر 2021م.
هذه المملكة بمجرد الإعلان عن فيروس كورونا قامت بإغلاق حدودها، ولم يسمع عنها أحد ضمن إحصاءات إصابات ووفيات كورونا حول العالم إلى أن أعلن رئيس وزرائها بوهيفا تويونيتوا عن حالة الإصابة المسجلة وتعود إلى شخص عائد من مدينة كرايستشيرش الواقعة في الجزيرة، وتمّ عزله وجميع الركاب الذين كانوا على متن الطائرة التي أقلها، وتمّ وضعهم في الحجر الصحي.
هذه الحالة من الهدوء والابتعاد عن شدائد الجائحة ومراراتها المفجعة، لم تمنع تونغا من اتباع الأسباب العلاجية ومن بينها التطعيم، حيث تم تطعيم 48 % من السكان المؤهلين فيها بالجرعة الأولى من اللقاح المضاد لفيروس كورونا، بينما حصل 31 % على تطعيم كامل ضد الفيروس.
هذا يعني أولاً أن العزلة مهما طالت لن تمنح أية دولة الحصانة التامة من هذا الفيروس أو غيره من الأوبئة، وأنه لا يمكن الاطمئنان له وضرورة مواصلة الحذر والحيطة في كل الأوقات، وثانيًا ضرورة التكتل والاصطفاف العالمي إلى أن يتم القضاء على الجائحة تمامًا.
ومن هنا تأتي أهمية دعم جميع دول العالم القادرة والغنية للخطة الجديدة التي كشفت عنها مؤخرا منظمة الصحة العالمية لمكافحة كورونا في أفقر الدول، من خلال توفير مبلغ 23 مليار دولار خلال العام المقبل لمساعدة البلدان الأكثر فقرًا في الحصول على لقاحات وأدوية كوفيد - 19 وإجراء الاختبارات.