العدد 4748
الخميس 14 أكتوبر 2021
banner
اللامنطق الإيراني تجاه إسرائيل (2)
الخميس 14 أكتوبر 2021

اعتاد نظام الملالي تطبيق نظرية الحرب بالوكالة والحروب عن بُعد، لكنه يشعر باستفزاز كبير في حال اقتراب ما يعتبره تهديداً عسكرياً من الحدود الإيرانية، رغم أن التهديد هنا قد يكون غير قائم من الأساس، وليس له أي وجود، بل أحد مخرجات نظرية المؤامرة أو يراد به التغطية على أهداف ومخططات إيرانية أخرى.
لا يخفى على أحد من المراقبين حجم التوجس الإيراني المعلن رسمياً من علاقات أذربيجان الوثيقة مع إسرائيل، وتزويد تل أبيب لباكو بأسلحة حديثة بما في ذلك الطائرات المسيرة، لكن غير المعلن في التصريحات الإيرانية هو قلق طهران من علاقات أذربيجان وتركيا، حيث قدمت أنقرة مساعدات كبيرة لأذربيجان في حرب قره باغ، كما روّجت لفكرة “دولتين - أمة واحدة”، وهذا الأمر يثير القلق لدى الملالي، لكنهم لا يريدون إثارة هذه الزاوية لأنهم ببساطة موجودون على حدود تركيا في سوريا!
القصة ببساطة أن الملالي لا يريدون أن يفكر أحد بنفس طريقتهم، ولا يرغبون في اللعب مع الآخر وفق قواعد اللعبة ذاتها التي يمارسونها إقليمياً، ويدركون تماماً أن السحر قد انقلب على الساحر، وأن ادعاءاتهم بشأن وجودهم “القانوني” في سوريا يمكن أن تعادل موقف أي طرف آخر يقول إنه يتواجد في أذربيجان بدعوة رسمية من الحكومة الأذرية! كما يدرك الملالي حجم الأثر العملياتي لوجود طائرات مسيرة إسرائيلية وتركية لدى أذربيجان، حيث تقول تقارير موثوقة إن استخدام الطائرات الإسرائيلية المسيرة الهجومية والصواريخ ومضادات الدروع وغيرها من الأسلحة الإسرائيلية من قبل القوات الأذربيجانية خلال حرب قره باغ العام الماضي لعب دوراً كبيراً في حسم الحرب لمصلحة الجيش الأذري.
الحرس الثوري الإيراني الذي أجرى مؤخراً مناورات على الحدود الأذرية وصفت بأنها أكبر تدريبات منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، الأمر الذي اعتبره بعض المراقبين بمنزلة استعدادات إيرانية جادة لمواجهة تصعيد عسكري محتمل على الحدود مع أذربيجان، يتحدث عن جاهزية للحرب، يسعى من خلال هذا التصعيد إلى الضغط على أذربيجان لثنيها عن التعاون مع إسرائيل، وبدرجة أقل تركيا، خشية أن تستخدم الأراضي الأذرية ضد إيران في أية مواجهة محتملة، وعلى قدر ضحالة هذا المبرر، لكنه يوفر لإسرائيل سبباً قوياً لإقناع المجتمع الدولي بحجم الاستفزازات الإيرانية؛ فالملالي الذين يكررون ليلا ونهارا أنهم لن يتسامحوا مع وجود اسرائيل في الجوار، يقدمون بالمقابل لإسرائيل هدية على طبق من ذهب بأن من حقها أيضاً عدم التسامح مع أي وجود عسكري إيراني في جوارها. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .