العدد 4747
الأربعاء 13 أكتوبر 2021
banner
اللامنطق الإيراني تجاه إسرائيل (1)
الأربعاء 13 أكتوبر 2021

يعكس السلوك الإيراني في إدارة الأزمة الحاصلة مع أذربيجان مدى استهتار نظام الملالي بالقوانين والمبادئ والمواثيق الدولية، فكل مشكلة هذا النظام مع الأذريين تنحصر في مزاعمه حول تحول أراضي أذربيجان إلى “ساحة يسرح ويمرح فيها الإسرائيليون”، ورغم أن الملالي يعترفون بـ “متانة” العلاقات بين إيران وأذربيجان كما أكد وزير الخارجية حسين عبداللهيان، فإن المزاعم الخاصة بوجود قوات إسرائيلية في أذربيجان قد دفعت الملالي لإثارة التوتر والتصعيد مع الجار الأذري رغم “متانة” العلاقات!
أذربيجان دولة ذات سيادة، ولها حق التصرف على أراضيها بما لا يتعارض مع مبادئ حسن الجوار واحترام قواعد القانون الدولي، وهذا الحق يعني سيادة الدولة العليا المطلقة على إقليمها، وبالتالي فإن ما يتعلق بوجود إسرائيلي على الحدود الإيرانية ـ الأذرية يفترض أنه لا يمس إيران في شيء ولا يعتبر “تغييرا جيوسياسيا في المنطقة” كما يعتقد الملالي! مشكلة النظام الإيراني أنه يؤمن فقط بما يراه ويعتقده، ويريد فرض رؤيته الأمنية على الدول المجاورة، التي يتعامل معها وفق منظور استعلائي لا يعترف بحق هذه الدول في التصرف وفق ما تمليه عليها مصالحها الوطنية، والأغرب من ذلك أن المعايير ذاتها التي شخّص الملالي من خلالها مزاعم الوجود الإسرائيلي على الحدود الإيرانية ـ بافتراض صحة ذلك ـ هي نفسها التي يتنكر لها النظام الإيراني في إدارة العلاقات مع سوريا على سبيل المثال، حيث يسمح لميليشيات الحرس الثوري بالاقتراب من الحدود الإسرائيلية مستغلاً ضعف قبضة الدولة السورية على كامل أراضيها، ويتصرف وفق هذه الظروف الجيوبوليتكية التي أنتجتها الأزمة السورية، ناهيك عن دعمه العسكري والمادي لميليشيات “حزب الله” اللبناني وغيرها من التنظيمات التي تعتبر ذراعا عسكرية متقدمة قادرة على خوض حروب وإشعال تهديدات بالوكالة لمصلحة الإيرانيين!
الحقيقة أن اللامنطق الإيراني لا يبرر تصرفات الملالي حيال جيرانهم الأذريين، وإلا فإن اللامنطق ذاته لو تم التسليم به فإنه يصبح من حق إسرائيل أن تحشد قواتها على حدود سوريا ولبنان، وتقوم باجتياح حدود هاتين الدولتين العربيتين لمطاردة ميليشيات تابعة لإيران التي يعلم الجميع قدر تهديدها للأمن الإسرائيلي، والمؤكد أنني لا أدعو هنا لتصرف إسرائيلي مماثل على حدودها مع سوريا ولبنان، فلسنا دعاة حروب، ولا أبرر ولا أؤيد مثل هذه الانتهاكات التي تضرب بالقانون الدولي عرض الحائط، وتقوض ميثاق الأمم المتحدة وتنتهك مبادئها، لكنني أشير فقط إلى حالة مشابهة توضح خطورة السلوك الإيراني وتداعياته المحتملة على الأمن والاستقرار الدوليين. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .